بعد استدعاء الرافعي.. المؤبد على طرّاس: إنّها الفتنة


لماذا الإصرار على الفتنة في هذه المرحلة المصيرية الوجودية التي يعيشها لبنان؟

ومن يقف خلف التصميم على استفزاز شريحة كبيرة من المؤمنين؟

ولماذا تستعمل المحكمة العسكرية أداة لاستفزاز كلّ هذه التساؤلات؟

أعاد استدعاء الشيخ سالم الرافعي أمام المحكمة العسكرية، ثم الحكم الغيابيّ المؤبّد بحقّ الشيخ بسام طرّاس، إنتاجَ أجواءَ مرحلةٍ سابقة ساد خلالها استهداف الرموز الإسلامية واستخدام ملفات لفرض الحصار عليهم، أو لتكبيل حركتهم، واستفزاز الشارع، وإشاعة أجواء المواجهة مع الدولة والجيش، وصولاً إلى الاستمرار في تشويه الصورة، وإلصاق تهم التطرّف والإرهاب بشريحة كانت ضحية إرهاب “رسمي” شارك فيه الجميع، فيحدِّد المسارات ويرسم النهايات، من معارك نهر البارد إلى مواجهات عبرا.

إقرأ أيضاً: السيد علي الأمين: القضاء يفصل بين الشيعة والشيعة؟

المحكمة العسكرية الدائمة، برئاسة العميد الركن منير شحادة، فاجأت اللبنانيين بالحكم الذي أصدرته غيابياً على الشيخ بسام طرّاس، وقضى بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة عليه، وتجريده من حقوقه المدنية وتنفيذ مذكرات إلقاء القبض الصادرة بحقه.

في قضية الشيخ الرافعي سارع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى الاتصال بمراجع عسكرية محذّراً من المساس بكرامة العلماء، مؤكداً أنّ القضاء العسكري ليست ميدان محاكمة علماء حَمَوا لبنان من الانجرار الى الاقتتال المذهبي، وكانوا إلى جانب الشرعية والعيش المشترك. وسابقاً كانت للمفتي وقفات مشهودة مع الشيخ الطرّاس، لكنْ بعد الحكم الصادر على الشيخ بسام، بات مؤكّداً أنّ الأمور لن تقف هنا، وأنّ هناك إرادة لدى من يملكون قرار المحكمة العسكرية بالوصول إلى أيّ رمزٍ ديني أو رمزي في الساحة السنية لاستفزاز الشارع وإحداث أزمة كبرى في البلد، نظراً لمخالفة رئيسها الصريحة للقانون.

كان استدعاء الشيخ الرافعي شديد الوقع على الأوساط الإسلامية عموماً والطرابلسية خصوصاً

هذا التطوّر يستدعي معالجة مختلفة للمتابعات المعتادة، لأننا مقبلون على تصعيدٍ شديد الخطورة يستوجب قيام سماحة مفتي الجمهورية بتوجيه دعوة عاجلة للقيادات السنية للوقوف على طبيعة المرحلة واتخاذ ما يلزم من مواقف وخطوات توقف هذا الاستهتار والاستهداف المتواصل وتئد الفتنة وتأخذ على أيدي صانعيها.

وكيلة الشيخ طرّاس المحامية زينة المصري أوضحت أنّه “صدر قرار عن نقابتي المحامين في طرابلس وبيروت بالامتناع عن حضور جلسات المحاكمة يوم 2020/7/6 تضامناً مع الزميل واصف الحركة الذي تعرّض للاعتداء. فلم نحضر جلسة المحاكمة المخصّصة لاستجواب الدكتور طرّاس أمام المحكمة العسكرية التزاماً بقرار النقابة. في حين لم يستطع الدكتور بسام الوصول بسبب قطع الطرقات. ومع العلم أنّ جميع المحاكم تلتزم بقرار التعبئة العامة الصادر عن قرار مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى، وبشكلٍ غير معهود ومسبوق، تمّت محاكمة الدكتور طرّاس غيابياً وإصدار عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحقّه بعد اعتباره فارّاً من وجه العدالة”. متسائلة: “كيف ذلك وهو حضر ووكيلته الجلسة السابقة؟”، مؤكدة أنّ “هذه الإجراءات باطلة” .

ودعت المصري نقابة المحامين في طرابلس نقيباً ومجلساً إلى التدخّل، شاكرة النقيب محمد المراد الذي تجاوب على الفور، كما ناشدت سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية والنائب العام التمييزي ورئيس مجلس القضاء الأعلى، التدخّل للحفاظ على ما تبقّى من عدالة في لبنان”.

وباستقراء ما جرى في ملف الشيخ طرّاس، يتضّح الإصرارُ المُلِحّ على استدراجه للتوقيف بعد أن فشلت محاولة توقيف الشيخ الرافعي في هذا التوقيت. فهو سيكون مضطراً للمثول أمام المحكمة، والخضوع للتوقيف قبل استئناف الحكم الغيابي، وهذا سيعرّضه لاحتمال المكوث أشهراً أو سنوات في السجن بانتظار البتّ بالملف.

كان استدعاء الشيخ الرافعي شديد الوقع على الأوساط الإسلامية عموماً والطرابلسية خصوصاً، وقد ظهر ذلك من حجم التضامن الواسع معه، سياسياً ودينياً واجتماعياً، ذلك أنّ الشيخ هو “شهيد حيّ”، خاطر بحياته لإنقاذ العسكريين المخطوفين في جرود عرسال وتعرّض لمحاولة اغتيال كادت تودي بحياته وتركت في جسده إصاباتٍ بالغة.. وهو النّاجي من تفجير مسجده (التقوى) المجاهر برفضه لسياسات “حزب الله” والسّاعي إلى إطلاق الزوار الشيعة في أعزاز بلا تردّد ولا استعراض.

هذا النموذج من الاستدعاءات والتوقيفات، يركِّز على من يُعتبرون صمّامات الأمان في المجتمع السنّي

في حديث لـ”أساس” يسأل الشيخ الرافعي “عن التوقيت، فقبل أسبوعين بدأنا نسمع عن عناصر من داعش يأتون من إدلب إلى لبنان وإلى الشمال تحديداً، هذا رغم أنّ الحدود تحت سيطرة نظام الأسد وحزب الله”، ويتابع: “لهذا نخشى من محاولة السلطة الهروب من أزماتها، باعتقال الشيخ سالم أو الشيخ بسام الطرّاس أو أيّ عالم أو شخصية أخرى، لينزل الشباب إلى الساحة للاحتجاج، فيندسّ هؤلاء “الدواعش” ويعتدون على الجيش اللبناني”.

الرافعي يتحدّث عن تحقيق التحالف الحاكم أربعة أهداف:

ــ التهرّب من الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي بذريعة أولوية مكافحة الإرهاب.

ــ إبعاد المسؤولية عن سلاح “حزب الله” المأزوم بسبب فشله في الحكم وإيصاله البلد إلى الانهيار، وبذلك يشرعن سلاح الحزب من جديد، لأنّ الحكومة ستقول لا يمكننا مواجهة الإرهاب إلاّ بمساعدة سلاح الحزب.

ــ القضاء على ثورة 17 تشرين الأوّل، بمنع نزول الثوار إلى الشارع بذريعة مكافحة الارهاب، علماً أننا لم نشارك فيها خشية وصمها بالتطرّف.

ــ تصفية جماعية للشباب المسلم وموجة اعتقالات جديدة في صفوفهم”.

هذا النموذج من الاستدعاءات والتوقيفات، يركِّز على من يُعتبرون صمّامات الأمان في المجتمع السنّي. فقد سبق هذا الاستدعاء والحكم اعتقال الشيخ كنعان ناجي ثم إطلاق سراحه في عملية ابتزازٍ واضحة، سبقتها حملة شيطنة لمدينة طرابلس من قبل وزير الدفاع السابق ونواب “العهد”، تركّزت على اتهام الشيخ كنعان بعلاقة مع عبد الرحمن المبسوط. لكنّ المفارقة أنّ التحقيقات معه عادت إلى مرحلة الثمانينات، لأنّ المطلوب حينها كان إخضاع الشيخ للابتزاز. وعندما يئس المبتزّون كان لا بُدّ من خروجه إلى الحرية لبراءته المثبتة من تلك التهم البائسة، كما جرى توقيف الحاج حسام الصباغ بالخلفية نفسها.

مرة أخرى، من يريد الفتنة فليفتّش عليها عند غيرنا…

إقرأ أيضاً

هل يزور البخاري فرنجية قريباً؟

يلتقي سفراء اللجنة الخماسية الرئيس نبيه برّي مجدّداً بداية الأسبوع المقبل لوضعه في حصيلة اللقاءات مع القوى السياسية. بعد ذلك، لا “برمة” جديدة لممثّلي واشنطن…

لقاءات الخماسية: بحث عن رئيس.. في كومة قشّ الخصومات

عادت اللجنة الخماسية إلى الساحة اللبنانية، لكنّ عودتها كانت قد سبقتها اجتماعات في واشنطن بين الأميركيين والفرنسيين. وعلى أساس توزيع الأدوار والتنسيق في معالجة الملفّات…

الكويت بين “هارفرد” و”إيلينوي”… الصِّدام الحتميّ

يقول التاريخ الكويتي إنّ رئيس الوزراء الذي يذهب لا يعود. أي أنّه يرأس حكومات متتالية ثمّ يمضي من دون أن يأتي مرّة جديدة على رأس…

“سابقة موريس سليم”: الطعن بتعيين رئيس الأركان!

 سجّل وزير الدفاع موريس سليم سابقة لم تعرفها حكومات ما قبل الطائف ولا بعده من خلال الطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان…