الشيخ بارودي (1/2): إما يسلّم الجيش سلاحه لحزب الله.. أو العكس


يقف شيخ قرّاء طرابلس الشيخ بلال بارودي اليوم على منبر مسجد السلام، متصدّياً لأكبر الإشكاليات التي تواجه اللبنانيين، بلسانٍ مُبين وجُرأة لا يشوبها الانفعال ولا تعطّلها السطوة والترهيب.

إقرأ أيضاً: صمود المفتي دريان أسقط التمديد للشعار بالإجماع

فالتفجير الذي استهدف المسجد عام 2013 وذهب ضحيته العشرات الشيخ بارودي لم يزده إلاّ إصراراً على الثوابت الدينية والوطنية. فواصلَ تصدّيه للفساد وللسلاح غير الشرعيّ مع تمسّكه بقاعدة الشراكة اللبنانية.

علينا أن نجد حلاًّ للسلاح الموجود بيد حزب الله باسم المقاومة، ولم يقل أحد بسحبه، لأنّ منطق الدولة يحتِّم الوصول إلى صيغة

لا يغيب عن المشهد في مدينته، خصوصاً عندما تتعرّض للحملات والتخريب والتشويه، لكنه لا ينسى التذكير بقواعد الوحدة الوطنية: “نحن نعتبر النسيج الشيعي كالنسيج الدرزي والمسيحي والسنّي، من مكوّنات لبنان. فعندما نقول إنّنا نرفض السلاح غير الشرعي، لا يعني أنّنا لا نريد للشيعة أن يكونوا أقوياء، وعندما نرفض تجربة بعض المسيحيين في التعامل مع العدوّ، ليس المقصود أن يكون المسيحيون ضعفاء، بل المطلوب ألا يكون عندنا تبعيّة لأيّ دولة كانت، لأنّ هذه التبعية ستهيمن على البلد وتترك بصماتها السيئة على مصيرنا جميعاً”.

ويضيف: “علينا أن نجد حلاًّ للسلاح الموجود بيد حزب الله باسم المقاومة، ولم يقل أحد بسحبه، لأنّ منطق الدولة يحتِّم الوصول إلى صيغة تنهي ازدواجية السلاح وتنهي ما ترتّب عليه من تداعيات أصابت الكيان بالتصدّعات والوهن لمصلحة مشروع الانقسام والتبعية للخارج.. كلّ ما قلناه: هو ضرورة إيجاد الحلّ: سواء بدمج السلاح داخل الدولة، أو عبر الاستراتيجية الدفاعية، أو بالالتزام بإعلان بعبدا، لكنهم لم يقبلوا بكلّ العروض المحلية والدولية، ومنها عروضٌ مغرية وضخمة، وأصرّوا على إبقاء سطوتهم المستفزّة على اللبنانيين”.

يؤكّد الشيخ بارودي أّنه “لا يمكن لأيّ شريف إلاّ أن يكون مع مقاومة العدو الإسرائيلي، بل ينبغي أن يكون شريكاً في هذا السلاح، فلا يجوز أن تستأثر به طائفة لوحدها. أما إذا كان السلاح للضغط على البلد، وللتدخل في سوريا والعراق واليمن، فهذا ليس سلاحاً لبنانياً، بل سلاح فتنة”.

يرى الشيخ بارودي أنّ ثورة 17 تشرين 2019 قامت “لأنّ مستقبل البلد أصبح في مهبّ الريح. فثرواته منهوبة ومعابره مشرّعة لكلّ مستبيح. ومطاره لا يخضع لسيادة الدولة ومرافئه مخترقة بخطوط “دعم المقاومة”، وأصبح السلاح متحكِّماً بكلّ مفاصل الحياة، حتى وصلنا إلى الانهيار. فالوظائف سلبها المتحكّمون بالآلاف، والكهرباء أطفأت أنوارها، والهجرة تكاد تفرغ لبنان من أهله.. ومع ذلك يريدون منع الناس من الاحتجاج على “سلاح المقاومة” لذلك، نحن لا نخجل من القول إنّ سلاح “حزب الله” ضمن منظومته الإقليمية ومفاعيله الكارثية هو سبب الخراب في لبنان، وينبغي أن يكون له حلّ”.

يردّ الشيخ بارودي على القائلين بأنّ حلّ السلاح إقليمي، بتذكيرهم بأنّ “تنظيم داعش كان مسألة إقليمية وجرى حلُّها بمواجهة محلية وخارجية. والمجتمع الدولي قال عن سلاح “حزب الله”

أكثر مما قلناه نحن، وصنّفه كمنظمة إرهابية، وقبض على خلاياه تخرّب في أوروبا والخليج، فانكشفت حقيقة هذا السلاح. لذلك، يدفعوننا للتناغم مع التوجّه الدولي والإقليمي الذي يرى أنّه لم يعد سلاحاً للمقاومة، بل هو للهيمنة الخارجية على قرار البلد”.

فكرة تسليم سلاح الجيش للمقاومة ساقطة بسبب الفشل الذريع للحزب، فينبغي أن تسلّم المقاومة سلاحها للدولة وتنخرط في مؤسّساتها الشرعية

ويذكّر الشيخ بارودي بقول النائب السابق نوّاف الموسوي إنّ الرئيس عون وصل ببندقية المقاومة، معيباً وصول الرئيس بشير الجميل على الدبابة الإسرائيلية: “ونحن نقول إنّ لبنان لا يقوم على رئيس جاء بدبابة إسرائيلية، ولا يستمرّ برئيس جاء ببندقية حزب الله”.

يأسف الشيخ بارودي لسماع رئيس الجمهورية ميشال عون يقول إنّ جيشنا ضعيف ويحتاج إلى المقاومة، وهو قائد جيش سابق والقائد الأعلى للقوات المسلّحة: “نقول له في هذه الحال: سلّم سلاح الجيش الضعيف للمقاومة وسلّموا قصر بعبدا ومجلس النواب والسراي الحكومي وكلّ المواقع والمرافق لـ”حزب الله”، ويكون الساسة موظفين عنده، وهو يؤمّن الدفاع عن البلد والوظائف والاقتصاد المزدهر، وأحسن العلاقات مع العالم.. لكن بما أنّ السلاح فشل في أن يكون رادعاً، بدليل الغارات الإسرائيلية اليومية على النظام السوري والقوّات الإيرانية، لذا لم يعد حتّى سلاح ردع. أمّا اقتصادياً، فقد بات لبنان تحت حكم السلاح محاصراً وبات على اللوائح السوداء عالمياً، وهذا يعني أن السلاح لا يحمل أيّ حلول للقضايا التي يواجهها اللبنانيون”..

ويطلب الشيخ: “بما أنّ فكرة تسليم سلاح الجيش للمقاومة ساقطة بسبب الفشل الذريع للحزب، فينبغي أن تسلّم المقاومة سلاحها للدولة وتنخرط في مؤسّساتها الشرعية ونشكّل منظومة حماية ودفاع وطني لنستعيد الثقة من اللبنانيين بلبنان، ومن المجتمع العربي والدولي ببلدنا، وإلاّ فنحن ذاهبون إلى الهاوية.. وفي حال لم يتحقّق هذا الأمر، ووجدنا مدننا مستباحة، وليس هناك دولة تدافع عنّا، والمقاومة تعتدي بسلاحها على الناس، فلا بدّ للإنسان أن يدافع عن نفسه. وهذا الخيار الذي لا نريد الوصول إليه، بمثابة أبغض الخيارات، لأننا إذا وصلنا إليه، فكأننا نقول بالعودة إلى الحرب الأهلية وهذا ما نرفضه رفضاً قاطعاً”.

في ختام القسم الأوّل من الحوار دعا الشيخ بارودي “أحرار لبنان من جميع الطوائف والمناطق، ومن بينهم الشيعة، لأننا لا نعتقد أنهم يرضون بدفع ثمن تمسّك فئة منهم بالسلاح، ليدفعوا جميعاً ضريبة هذا الخيار، كي يتداعوا إلى مؤتمر وطني يقرّر أن يكون كلّ لبنان مقاوِماً للعدو الإسرائيلي، شرط أن يكون كلّ لبناني شريكاً في هذا السلاح. فلنقوِّ الجيش بسلاح اللبنانيين وتكون منظومة جيشنا هي التي تدافع عن لبنان لأن السلاح الآخر ليس سوى سلاح فتنة، كما أثبتت التجارب والأيام”.

غداً في القسم الثاني من الحوار: انكفاء زعماء السنّة ترجمه الآخرون ضعفاً

إقرأ أيضاً

هل تمرّ رئاسة الجمهوريّة من “خُرم” البلديّات؟

لا مشكلة نصاب في جلسة التمديد الثالث للبلديّات اليوم. تكتّل “لبنان القويّ” برئاسة جبران باسيل وكتلة “اللقاء الديمقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط وعدد من النواب قاموا…

الغداء الرئاسي الفرنسي؟

ثلاثة عناوين تركّز عليها فرنسا لإعادة تجديد دورها على الساحة اللبنانية. تستعيد باريس نشاطها بعد تيقّنها من أنّ المسار الذي انتهجته منذ عام 2020 لم…

اللاءات الأربع للحزب تفرمل الخماسية..

في مقابل الحراك الدولي والداخلي الناشط بكلّ الاتّجاهات، جنوباً ورئاسيّاً ونزوحاً سوريّاً، تؤكّد أوساط مطّلعة لـ “أساس” أنّ تحرّكات الدول المعنيّة بخفض التصعيد على الحدود…

إيران وإسرائيل: نتّجه لحرب استنزاف طويلة بالمنطقة

بين ردّ إيران الضخم على قصف القنصلية الإيرانية في سوريا، وردّ إسرائيلي محدود على الردّ الإيراني. تتّجه المنطقة كلّها، بحسب مصادر مطّلعة على أجواء قوى…