كورونا: أوّل دواء ينقذ الحالات الصعبة


اكتُشف مؤخراً “ستيرويد” مضادّ للالتهاب، رخيص ومستعمل على نطاق واسع، ويمكن أن ينقذ الحالات الحرجة من مرضى الكورونا، وذلك عقب تجربة عيادية مضبوطة على عيّنة عشوائية في بريطانيا من مرضى الفيروس الذي أودى حتّى الآن بحياة أكثر من 430 ألف شخص في أنحاء العالم.

هذا الدواء هو ديكساميتاسون (Dexamethasone)، وهو الأول من نوعه الذي يقلّص عدد الوفيات. فبحسب التجربة نجا ثلث المرضى الذين كانوا موصولين بجهاز التنفس الصناعي بفضل هذا الدواء.

إقرأ أيضاً: كورونا 2: سلالة جديدة انطلقت من الصين.. والعالم يستسلم

“النتيجة مذهلة” بحسب كينيث بايلي، وهو اختصاصي تخدير لحالات العناية المركّزة بجامعة إدنبرة في المملكة المتحدة، وعضو في اللجنة المشرفة على التجربة، التي تحمل اسم “التعافي” “RECOVERY”. ويقول بايلي: “سيكون للتجربة أثر كبير عالمياً”. وأُعلنت نتائج هذه الدراسة في مؤتمر صحافي في 16 حزيران الحالي، ويقول الباحثون فيها إنهم تعمّدوا الإسراع بنشر النتائج، ومشاركة المنظّمين لحملة مواجهة الوباء في المملكة المتحدة وفي العالم، بما توصّلوا إليه.

تجربة “التعافي” التي انطلقت في شهر آذار الماضي هي إحدى أكبر التجارب الخاضعة للرقابة على عيّنات عشوائية في العالم من أجل معالجة مصابي كورونا، وهي تقوم على اختبار عدد من العلاجات الممكنة.

رخّصت الحكومة البريطانية فوراً استعمال الديكساميتاسون، للمرضى في المستشفيات، والذين يتلقون الأوكسجين أو هم موصولون بجهاز التنفس الصناعي

تضمّنت التجربة 2100 مشارك تلقوا جرعات قليلة أو متوسطة من “الديكساميتاسون” بمعدّل ستة ميليغرامات يومياً على مدى عشرة أيام. وجرت المقارنة بين هؤلاء وبين 4300 مريض آخر تلقوا علاجات تقليدية. فتبيّن أنّ تأثير الدواء مدهش بين مرضى الحالات الحرجة ويتلقون التنفس الصناعي. أما الذين يتلقون علاجاً بالأوكسجين، وليسوا موصولين بجهاز التنفس الصناعي، فقد تحسّنت حالاتهم أيضاً بعد تلقّيهم جرعات الدواء، فانخفضت نسبة وفاتهم 20%. وليس للستيرويد آثار مفيدة للمصابين بالوباء وحالتهم متوسطة ويتلقون دعماً بالأوكسجين أو يتنفسون اصطناعياً.

بعد قليل، من إعلان النتائج، رخّصت الحكومة البريطانية فوراً استعمال الديكساميتاسون، للمرضى في المستشفيات، والذين يتلقون الأوكسجين أو هم موصولون بجهاز التنفس الصناعي. 

دراسة صارمة

“هو اختراق كبير” كما يقول بيتر هوربي (Peter Horby) المختصّ بالأمراض المُعدية في جامعة أوكسفورد، بالمملكة المتحدة، وكبير الباحثين في تجربة “التعافي”. ذلك أنّ استعمال الستيريودات في معالجة الالتهابات التفسية مثل كوفيد-19 كان في السابق مثيراً للجدل. ويضيف هوربي إنّ “معطيات التجارب السابقة خلال وباءي السارس والمرس، اللذين تسبّبت بهما فيروسات قريبة من فيروس الكورونا المستجدّ، لم تكن حاسمة. لكن بالنظر إلى أن الديكساميتاسون متاح ومتوفر، ولأنّ بعض التجارب السابقة عليه كان واعداً، فقد ارتأى باحثو “التعافي” أنّه من المهمّ اختبار العلاج نفسه في اختبار عيادي صارم، وهذا ما حدث”.

لم تجد الدراسة أيّ آثار سلبية بارزة جرّاء استعمال هذا الدواء

إرشادات منظمة الصحة العالمية وكثير من البلدان تدعو إلى الحذر من معالجة مرض الكورونا بالستيريودات، وبعض الباحثين كانوا قلقين من أخبار انتشار العلاج بالستيرويد. فهذه الأدوية تقمع الجهاز المناعي عند المصاب، فتفيد أولئك الذين يعانون من التهابات حادّة في الرئتين، ناتجة عن استجابة زائدة من جهاز المناعة لدى الحالات الخطيرة. لكن المرضى بحاجة أيضاً إلى جهازهم المناعي لدرء خطر الفيروس عنهم.

وعلى هذا، فإن ما تقدّمه تجربة “التعافي” أنّ الجرعات المستعملة في الاختبار يمكن لمنافع العلاج بالستيرويد أن تفوق مضارّه. ولم تجد الدراسة أيّ آثار سلبية بارزة جرّاء استعمال هذا الدواء. بل يقول هوربي: “يمكن إعطاء هذا العلاج تقريباً لأيّ مصاب بالكورونا”.

وبما أن أثر العلاج هو أكبر على أصحاب الإصابة الخطرة من الحالات المتوسطة، فإن ذلك يطابق الملاحظة القائلة بأن الاستجابة الزائدة للجهاز المناعي، لها آثار ضارّة أكيدة في الحالات الخطيرة الطويلة المدى، كما يقول أنتوني فوتشي رئيس “المؤسسة الوطنية الأميركية للحساسية والأمراض المُعدية”. 

سهل الإدارة

الدواء الوحيد الذي أظهر حتّى الآن فائدة لمرضى كوفيد-19، في تجربة خاضعة للرقابة، على عيّنات عشوائية، هو المضاد للالتهاب “ريمديسفير”. وعلى الرغم من أن هذا الدواء قد قصّر من فترة العلاج في المستشفى، لكن لم تكن له آثار معتبرة إحصائياً في تقليص عدد الوفيات.

فضلاً عن ذلك، فإن “الريمديسفر” ليس متاحاً بوفرة. وعلى الرغم من أن الشركة المصنّعة له “Gilead Sciences” في مدينة فوستر بكاليفورنيا قد تعهّدت بتسريع معدّلات إنتاجه، إلا أنّ الكميات المتوافرة حالياً مخصّصة لعدد محدود من المستشفيات في العالم. ومن ناحية أخرى، فإنّ استعماله معقّد، وهو يُعطى بالحقن على مدى أيام عدّة.

على خلاف ذلك، فإن “الديكساميتاسون” منتشر في الصيدليات حول العالم، ويؤخذ كأقراص. وهذا مفيد في مواجهة تزايد أعداد المصابين بكوفيد-19 في العالم. “وبأقل من 50 جنيهاً يمكن معالجة ثمانية مرضى وتنقذ واحداً منهم”، يقول مارتين لانديري (Martin Landray) عالم الأوبئة في جامعة أكسفورد، وباحث مشارك في تجربة “التعافي”.

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

إقرأ أيضاً

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…