“محسوبك زياد” وشجرة “حركة أمل”


عبدالله جعيد

سائق التاكسي الذي يجول المناطق دون جوازات سفر سوى النمرة الحمراء، يشكّل “مصدر” معلومات في وطن حرّياته مقنّعة. بإمكانك أن تحصل على “ملفات” كاملة من داخل سيارة “مرسيدس لفّ”، يعمل سائقها على خطّ صيدا ـ صور.

يكفي أن تسأل السائق “كيف شايفلنا البلد؟”، حتى تحصل منه على تقرير عن أبرز “المتغيرات” المحلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى “أهم” العناوين “الكبرى” و”أبرز” تحليلات الصحف. هذا في حال كنا نشير إلى القصص التي يسمعها السائق من زبائنه، فكيف إن كان هو شخصياً الحدث في زمن ثورة 17 تشرين؟

“من وين الشاب؟”، يسأل ليعرف تفاصيل عن المنطقة والجهة السياسية والطائفة، ثم يبني على  الأجوبة أساس الحوار. يقول السائق: “هيدي الربطة الحمرا بإيدك بيحطوها الثوار، إنت مع الثورة لكن!”. ويرتاح في النقاش.

إقرأ أيضاً: “بيروت 001”: خريطة “ثورية” ثلاثية الأبعاد

يضيف: “أول شاب انجرح بصور يوم الريست هاوس، هو اللي عم يسوق فيك هلأ… محسوبك زياد، كنت نازل مع إبني الصغير ومرتي لنوقف مع الناس بالساحة… فجأة بلاقيلك مجموعة شباب عم يكبوا بنزين ليولعوا شجرة، وكلّ فكري إنن ثوّار يا زلمي! قرّبت لأمنعهن، وطلبت منن يروحوا يحرقوا رندة وبرّي، شو خصّ الشجرة؟!”.

يصمت زياد قليلاً، ثمّ يبتسم قائلاً: “ما عرفت من وين عم تجيني الخبطة. طلعوا شباب أمل، مش ثوّار!”. زياد أبٌ لصبي، ويعمل صباحاً على سيارة الأجرة وليلاً في إحدى الحانات. يقول إنه حاصل على شهادة في الإدارة، لكن “كلّ الشركات كاسرة إيدها من قبل الثورة، كيف هلّق؟”.

إلى جانب عمله على سيارة الأجرة، يعزف زياد على الغيتار، ويقول إنّه يرفض فكرة العمل في مجال الموسيقى، مفضلاً العزف مع الأصدقاء في منازلهم. يلعن زياد الدولة بين اللحظة والثانية. يشرب كأس الذين دحروا الإسرائيليين قبل أن تصير المقاومة حكراً على طائفة.

زياد، الفقير مالياً، كان  الجريح الأول  في صور، بسبب دفاعه عن شجرة. رغم اعتباره أن من أحرق الـ”ريست هاوس” في صور ليسوا من الثوار، لكنّه يؤكد على حقّه في  التظاهر والمضي قدماً في الثورة حتّى النفس الأخير. سائق الأجرة والعازف والثائر، يرى أن هذا النظام  الراهن يربّي  أجياله على هدم الحجر وقتل البشر. إنه نظام ساقط لن يرهبنا.

إقرأ أيضاً

17 تشرين: خروج الشباب على الولاء للزعماء

تحلّ الذكرى السنويّة الثالثة لانتفاضة 17 تشرين، ولبنان غارق في أزمات وجودية متناسلة وغير مسبوقة في تاريخه الحديث. في هذه المناسبة أعدّ “أساس” ملفّاً متنوّعاً…

سوريّة – كرديّة: 17 تشرين جعلتني “لبنانية”

تحلّ الذكرى السنويّة الثالثة لانتفاضة 17 تشرين، ولبنان غارق في أزمات وجودية متناسلة وغير مسبوقة في تاريخه الحديث. في هذه المناسبة أعدّ “أساس” ملفّاً متنوّعاً…

بوجه من انتفضوا: المناهبة”(*) الخماسيّة؟ (2)

تحلّ الذكرى السنوية الثالثة لانتفاضة 17 تشرين، ولبنان غارق في أزمات وجوديّة متناسلة وغير مسبوقة في تاريخه الحديث. في الحلقة السادسة ينشر “أساس” مقتطفات من فصل…

في انتظار تجدّد “يوفوريا” 17 تشرين

تحلّ الذكرى السنويّة الثالثة لانتفاضة 17 تشرين، ولبنان غارق في أزمات وجودية متناسلة وغير مسبوقة في تاريخه الحديث. في هذه المناسبة أعدّ “أساس” ملفّاً متنوّعاً…