نهضة “الجماعة الاسلامية”: دعم قطري – تركي؟


عادت “الجماعة الإسلامية” للحضور بقوّة في الساحة السياسية والشعبية خلال الأشهر الأخيرة، ولا سيّما من خلال المشاركة الفعّالة في الحراك الشعبي المستمر منذ 17 تشرين الأوّل الماضي، ومن خلال تعزيز الحضور الإعلامي والسياسي وإعادة تفعيل علاقاتها مع مختلف القوى الإسلامية ولا سيّما حزب الله.

فماذا وراء حضور الجماعة خلال هذه المرحلة؟ وما هي أسباب مشاركتها الفعّالة في الحراك الشعبي؟ وهل لهذا الحضور علاقة بتعزيز الدور التركي والقطري في لبنان في ظلّ المعلومات المنتشرة عن تعزيز حضور هاتين الدولتين في لبنان بموازاة تراجع دور دول عربية لأخرى؟

مصادر قيادية في “الجماعة الإسلامية” لا تنفي مشاركة عناصرها وكوادرها وأنصارها في الحراك الشعبي المستمر في بيروت وطرابلس وإقليم الخروب وصيدا. فقد أقام شباب الجماعة خيمة خاصّة بهم في ساحة الشهداء حيث نظّموا نشاطات متنوعة، لكن تراجع هذا النشاط مؤخراً. وفي طرابلس كان لشباب الجماعة حضورٌ قوّيٌ في ساحة النور، هم الذين تجمعهم علاقة فاعلة مع مجموعة “حراس المدينة” الذين لعبوا دوراً مؤثراً في العديد من الأنشطة في الحراك الشعبي. أما في إقليم الخروب فلم تشارك الجماعة بشكل مباشر، لكنّ دورها حاضر من خلال بعض بلديات المنطقة ولاسيّما بلدية برجا، كما يشارك شبابها في مناطق أخرى، منها صيدا والبقاع الغربي وعكار، لكنّهم يعارضون قطع الطرقات.

تعتبر المصادر القيادية في الجماعة، أنّ المشاركة في الحراك الشعبي كانت استجابة لحاجات الناس وضرورة الحضور في الساحة الشعبية والتفاعل مع هموم اللبنانيين ومشاكلهم، ولا تضعها في مواجهة طرف سياسي معين: “قرّرنا ألا نترك الساحات لأطراف اخرى، وتراجعت المشاركة بعد تشكيل الحكومة لنعطي الفرصة للمعالجات السياسية، وهناك تواصل مستمّر مع حزب الله لمواكبة التطورات، وإن كانت الجماعة لديها ملاحظات كثيرة حول حكومة الدكتور حسان دياب ومدى قدرتها على مواجهة التحديات الخارجية والداخلية ولا سيّما الاستجابة لنبض الساحة الإسلامية السنّية”.

وتوضح المصادر القيادية في “الجماعة” أسباب تفعيل حضورها السياسي والشعبي والإعلامي في هذه المرحلة بأنّه “تطوّر طبيعي في أداء الجماعة بعد الانتهاء من ترتيب الوضع الداخلي وإعادة توزيع المهام والمسؤوليات على قيادات وكوادر الجماعة وضبط الوضع التنظيمي”، نافية أن يكون مرتبطاً بحسابات خارجية.

لكن ماذا عن علاقات الجماعة بقطر وتركيا؟ وهل هناك ارتباط بين تفعيل دور الجماعة والحضور التركي والقطري في لبنان؟

تنفي المصادر وجود علاقة بين دور الجماعة والحضور القطري والتركي في لبنان: “صحيح أنّ الجماعة ترتبط بعلاقات ايجابية مع قطر وكذلك مع تركيا ومؤسساتها الحزبية والإغاثية، وأنّ هناك وجوداً فاعلاً لقيادات الإخوان المسلمين في هذين البلدين بعد الربيع العربي، لكنّ برامج الجماعة السياسية في لبنان ليس لها علاقة بالدورين القطري والتركي، كما أنّ هناك تضخيم كبير للدور التركي في لبنان” يجيب، ويتابع: “تركيا حاضرة في لبنان من خلال اللبنانيين من أصول تركية والذين استعاد بعضهم جنسياتهم التركية، وكذلك من خلال التفاعل الثقافي والاقتصادي، وبسبب الحضور التاريخي التركي في لبنان خلال المرحلة العثمانية، إضافة إلى النظرة الإيجابية إلى الدور التركي في سوريا والمنطقة، بعيون لبنانيين كثيرين. لكنّ ذلك لا يعني أنّ هناك دوراً تركياً مباشراً في الواقع السياسي والأمني اللبناني كما يروّج البعض”.

 

إقرأ أيضاً

أمن الحزب: حرب معلومات تُترجم باغتيالات (2/2)

لا يوجد رقم رسمي لمجموع شهداء الحزب في حرب تموز 2006، لكن بحسب إعلان نعي الشهداء بشكل متتالٍ فقد تجاوز عددهم 300 شهيد، واليوم بحسب…

أمن الحزب: ما هو الخرق الذي سهّل مقتل العاروري؟ (2/1)

سلسلة من الاغتيالات طالت قيادات من الحزب وحركة حماس منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على وجه التحديد توّجت باغتيالين كبيرين. الأوّل اغتيال نائب رئيس…

النزوح السوريّ (3): النظام لا يريد أبناءه

12 سنة مرّت على وصول أوّل نازح سوري قادم من تلكلخ إلى عكار في لبنان. يومها اعتقدت الدولة اللبنانية أنّها أزمة أشهر، أو سنة كأبعد…

النزوح السوريّ (2): تاريخ من التعطيل.. فتّش عن باسيل

12 سنة مرّت على وصول أوّل نازح سوري قادم من تلكلخ إلى عكار في لبنان. يومها اعتقدت الدولة اللبنانية أنّها أزمة أشهر، أو سنة كأبعد…