زوجة لقمان سليم: القضاء يفتي بسيادة القاتل

مدة القراءة 5 د

في الذكرى الرابعة لاغتيال لقمان سليم، وبعد أيّام على صدور القرار الظنّي عن قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة بلال حلاوي، الذي أكّد فيه عدم توافر أدلّة عن هويّة مرتكبي الجريمة لتوقيفهم وسوقهم للعدالة، مكتفياً باتّهام مجهولين بالوقوف وراء خطفه وتصفيته، ألقت زوجة لقمان مونيكا بورغمان كلمة موسّعة استعرضت فيها مسار التحقيق، وإليكم نصّها الكامل:

 

“أصحاب السعادة، الأصدقاء الأعزّاء، شكراً جزيلاً لكم على انضمامكم إلينا اليوم. لا أصدّق ذلك، لكنّ هذه الذكرى الرابعة بالفعل، ولم تتحقّق العدالة بعد.

خلال اليومين الماضيين، تسرّبت أنباء قرار القاضي بلال حلاوي بإغلاق ملفّ اغتيال لقمان إلى وسيلة إعلامية مقرّبة من “الحزب”، ومن المرجّح أنّه هو من فعل ذلك بنفسه، لكنّ الكثير ممّا كتبه خاطئ، لذا اسمحوا لي بالعودة بالزمن.

قبل أربع سنوات، في الثالث من شباط، غادر لقمان منزلنا في الحارة عند الظهر تقريباً.

ذهب إلى الجنوب لتناول الغداء في منزل صديق له في نيحا. لكنّه لم يعد أبداً. وفي صباح اليوم التالي، علمنا أنّه عُثر على جثّته داخل سيّارته في العدّوسية، وقد تمّ إعدامه بستّ رصاصات أُطلقت من مسافة قريبة، واحدة في ظهره وخمس في مؤخّرة رأسه.

أظهرت التحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات، وحدة المخابرات التابعة لقوى الأمن الداخلي، أنّ لقمان كان ملاحقاً منذ لحظة خروجه من منزلنا في الحارة حتّى وصوله إلى منزل صديقه في نيحا.

أظهرت التحقيقات تورّط خمس سيّارات، تمّ التعرف عليها بوضوح، وحتّى على أسماء أصحابها.

بيّنت التحقيقات أنّ الذين كانوا يتعقّبون لقمان ظلّوا في محيط المنزل في نيحا حتى خروجه منه عند الساعة الثامنة والنصف مساءً.

كشفت التحقيقات أيضاً أنّ اثنتين من السيارات الخمس اعترضتا سيّارته وتمّ اختطافه. بينما اتّجهت ثلاث سيّارات، بما في ذلك سيّارة لقمان، إلى بلدة العدّوسية جنوب صيدا.

التحقيقات التي قادتها شعبة المعلومات أظهرت تقريباً كلّ تفاصيل التعقّب والخطف والاغتيال، كلّ شيء ما عدا أسماء القتلة

أماطت التحقيقات اللثام عن التوقيت الدقيق لوصول السيّارات الثلاث وسيّارة لقمان والخاطفين إلى العدّوسية. وحدّدت التوقيت الدقيق الذي تمّ فيه إطلاق النار على لقمان في ظهره ورأسه، من الخلف. كان ذلك بين الساعة 9:20 و9:27 مساءً.

التحقيقات التي قادتها شعبة المعلومات أظهرت تقريباً كلّ تفاصيل التعقّب والخطف والاغتيال، كلّ شيء ما عدا أسماء القتلة، أولئك الذين أطلقوا النار على لقمان في رأسه، ولم يجرؤوا حتى على النظر في عينيه عندما نفّذوا أمر الإعدام الذي تلقّوه من رؤسائهم.

ذكرت شعبة المعلومات أيضاً الأماكن التي توجّهت إليها السيّارات بعد ارتكاب جريمة الاغتيال، ووصفتها بأنّها أماكن محظور دخولها.

تعليق التّحقيق

أحالت شعبة المعلومات تحقيقها إلى المدّعي العامّ الذي أرسله بدوره إلى قاضي التحقيق ليحدّد هويّة القتلة فقط. كانت كلّ التفاصيل الباقية موجودة بالفعل. تفاصيل مثل لقطات الكاميرات، وبصمات الحمض النووي، وبصمات الأصابع، وحتّى صور السيّارات. كانت أكثر ممّا اكتشفته شعبة المعلومات في أيّ تحقيق في اغتيال سياسي. كان كلّ شيء موجوداً ما عدا الأسماء.

هذا ما قيل لنا.

تمّ إرسال الملفّ إلى قاضي التحقيق في أيلول 2021، أي قبل ثلاث سنوات ونصف. فما الذي تمّ إنجازه منذ ذلك الحين؟ لا شيء.

لقد استغرق الأمر منّا وقتاً طويلاً لإقناع القاضي المحقّق الأوّل شربل أبو سمرا بالسعي إلى الحصول على مساعدة تقنيّة دولية في مسائل الطبّ الشرعي. قبِل شربل أبو سمرا طلبنا أخيراً. وقبِل المدّعي العامّ السابق غسان عويدات. وبناءً على ذلك، تمّ إصدار طلب للمساعدة التقنيّة الدولية وإرساله عبر وزارة العدل إلى وزارة الخارجية، ثمّ إلى ألمانيا التي عرضت دعمها الفنّي.

لكن في تشرين الثاني 2023، تقاعد شربل أبو سمرا وحلّ محلّه قاضي تحقيق جديد هو بلال حلاوي.

قال لنا بلال حلاوي في الجلسة الأولى: سأقود التحقيق لأظهر لكم أنّ من فعلوا ذلك ليسوا من تتّهمونهم.

تمّ تحديد المسار….

بيّنت التحقيقات أنّ الذين كانوا يتعقّبون لقمان ظلّوا في محيط المنزل في نيحا حتى خروجه منه عند الساعة الثامنة والنصف مساءً

لقد تحوّل هدف التحقيق من تحديد هويّة القتلة إلى تبرئة الطرف الذي نتّهمه، “الحزب”. ومنذ تلك الجلسة، لم يجرِ بلال حلاوي أيّ تحقيق على الإطلاق. وما فعله مع ذلك هو عكس قرار سلفه بشأن طلب مساعدة تقنيّة دولية.

مبرّر قيامه بذلك؟ إنّ طلب مثل هذه المساعدة الدولية هو بمنزلة تخلٍّ عن السيادة اللبنانية.

في تشرين الثاني الماضي، قرّر بلال حلاوي أنّه لا يملك أيّ وسيلة لتحديد هويّة القتلة، ولذا يريد تجميد الملفّ. أعطانا أسبوعين لتقديم أدلّة جديدة.

عندما فهمنا أنّه يستطيع تجميد التحقيق لسبب واحد فقط هو حماية الجناة، قدّمنا ​​طلبين لإبعاده عن القضية، واحداً إلى محكمة الاستئناف، وواحداً إلى محكمة التمييز. إلّا أنّه ما إن علم بطلباتنا حتّى أصدر أمره بتعليق التحقيق إلى أجل غير مسمّى.

الإفلات من العقاب… هذه هي الرسالة الموجّهة إلى القتلة وأسيادهم. وقاضٍ واحد، قاضٍ واحد فقط، يمكنه أن يقرّر في أيّ وقت تعليق التحقيق.

إقرأ أيضاً: رشا الأمير تمسح وجه لقمان: سيذهب قاتلك إلى غياهب العار

لا تدعوا لقمان يُقتل مرّتين. المرّة الأولى عندما أُطلقت عليه ستّ رصاصات من الخلف في ظهره ورأسه، والمرّة الثانية عندما أُطلق عليه الرصاص من الأمام بقرار من بلال حلاوي.

ناضلوا معنا من أجل العدالة، من أجل لقمان ولبنان”.

مواضيع ذات صلة

رفيق الحريري لجابر: “الحقّ معك يا ياسين”

..”في الحكومة الثانية للرئيس الشهيد رفيق الحريري التي شُكّلت عام 1995 تسلّم ياسين جابر حقيبة الاقتصاد واحتفظ الرئيس الشهيد بحقيبة المالية، وكان الرئيس فؤاد السنيورة…

مكرم رباح يُهاجم قتلة لقمان: العدالة ولو سقطت السماوات

ضمن فعاليات إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم، وبعد أيام من حفظ ملف الاغتيال في الأدراج المنسية، توجه الكاتب والباحث السياسي مكرم…

رشا الأمير تمسح وجه لقمان: سيذهب قاتلك إلى غياهب العار

في الذكرى الرابعة لاغتيال الناشط والباحث لقمان سليم، وتوازياً مع إصدار القرار الظني الذي أثار خيبة وغضباً واسعاً، أُقيم إحتفال في واجهة بيروت البحرية، حضره…

نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة الانتقاليّة

نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزف عون. هذا ما ستنتهي إليه الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية اليوم الإثنين لاختيار…