البركان السّوريّ يُربِك الحكومة وتخوُّف من دورٍ لـ”الحزب”

مدة القراءة 6 د

مع عقد الاجتماع الرسمي التقنيّ الأوّل يوم الثلاثاء للجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار يدخل جنوب الليطاني، ومعه شمال الليطاني وصولاً إلى الحدود الشرقية والشمالية، في مرحلة تشكّل حدّاً فاصلاً مع مرحلة عام 2006 التي انتهت بحرب إسرائيلية على لبنان. مغزى هذا الربط بين عمل اللجنة العسكرية وخطّ الحدود جنوباً وبقاعاً وشمالاً، هو القرار الدولي المُتّخذ “ضمناً” بسحب سلاح “الحزب” على كامل الأراضي اللبنانية، لكن على مراحل. وهو ما ردّ عليه الأمين العامّ للحزب الشيخ نعيم قاسم عبر حصر مفعول القرار بجنوب الليطاني، مؤكّداً أنّ “كلّ ما له علاقة بالداخل والعلاقة بين المقاومة والجيش يتمّ وفق آليّات يتّفق عليها في الداخل ولا علاقة لإسرائيل أو أيّ لجنة بها”.

حتى اللحظة يدير لبنان الرسمي أذنه الطرشاء لهذا المطلب الدولي، الذي تكفّل موظّف في الإدارة الأميركية “الترامبيّة” برتبة مستشار، هو مسعد بولس، بكشفه من خلال الآليّة التنفيذية للقرار 1701 التي “تتحدّث عن نزع سلاح “الحزب” على كامل الأراضي اللبنانية”.

هكذا ينعقد مجلس الوزراء اليوم في جلسة استثنائية في ثكنة بنوا بركات في صور بعنوانين: البحث في خطّة تعزيز انتشار الجيش في منطقة جنوب الليطاني، والبحث في الترتيبات والإجراءات المتعلّقة بعملية مسح الأضرار ورفع الأنقاض لإعادة الإعمار بحضور العميد بسام نابلسي رئيس الهيئة العليا للإغاثة المعيّن حديثاً بعد إعفاء اللواء محمد خير من مهامّه. مع العلم أنّ بعض الوزراء المقاطعين اعترضوا على عدم توزيع جدول الأعمال مسبقاً.

عقد الجلسة في صور يتعدّى رسالة الدعم للجنوب إلى إرسال رسالة للخارج حول تعزيز دور الدولة جنوباً تحت سقف البدء بتطبيق القرار 1701 بحذافيره

رسالة إلى الخارج

يحضر قائد الجيش العماد جوزف عون الجلسة وسيتوسّع في توضيح الخطوط العامّة لخطّة انتشار الجيش لكن من دون الغوص في تفاصيلها العسكرية التي تبقى ملك القيادة العسكرية وضبّاطها. كما سيحضر وزير الدفاع موريس سليم للمرّة الثانية جلسة الحكومة بعدما اعترض في الجلسة السابقة على عدم اطّلاعه مسبقاً على الخطّة.

تقول مصادر مطّلعة لـ “أساس” إنّ “هدف عقد الجلسة في صور يتعدّى رسالة الدعم للجنوب إلى إرسال رسالة للخارج حول تعزيز دور الدولة جنوباً تحت سقف البدء بتطبيق القرار 1701 بحذافيره، ونزع السلاح من جنوب الليطاني بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي من المنطقة الحدودية”.

وفق المعلومات، سيضع قائد الجيش الحكومة أيضاً في آخر التطوّرات المرتبطة بالحدود الشرقية والشمالية لناحية نشر وحدات عسكرية إضافية تحسّباً لأيّ نوع من السيناريوهات، خصوصاً في ضوء التطوّرات العسكرية المُتسارِعة في سوريا على خطّ حلب-حماة-حمص واحتمال حصول توتّرات أمنيّة، وفي ظلّ إعلان العدوّ الإسرائيلي قيامه بمناورات عسكرية قرب الحدود السورية، وقصفه المعابر الحدودية البرّيّة مع شمال لبنان التي أعلن الأمن العام أمس إغلاقها حتى إشعار آخر، والإبقاء على معبر المصنع “وفقاً للإجراءات الاستثنائية المؤقّتة والتعليمات المعمّمة سابقاً”.

شكوى برّي وميقاتي

يبدو عقد الجلسة في الجنوب خطوة رمزية وشكليّة قد لا تقدّم ولا تؤخّر أمام سلسلة استحقاقات داهمة وحسّاسة:

– مدى قدرة اللجنة الخماسية (يمثّل لبنان فيها أربعة ضبّاط على رأسهم قائد قطاع جنوب الليطاني إدغار لاوندس ورئيس فرع مخابرات الجنوب سهيل حرب) على الحدّ من الانتهاكات الإسرائيلية للاتّفاق، حتى بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي خلال مهلة الـ 60 يوماً، سيّما أنّ الضمانات التي منحتها واشنطن لإسرائيل تتضمّن حرّية حركة، من ضمنها استباحة الجوّ، والقيام بجولات استطلاعية، لكن دون خرق جدار الصوت. كما أنّ شكوى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي من الخروقات الإسرائيلية قوبلت، وفق المعلومات، بنوع من الاستيعاب من الضابطين الأميركي والفرنسي على اعتبار أنّ الجيش اللبناني لم يتسلّم بعد كلّ مواقعه، وأنّ الخروقات الإسرائيلية تتوقّف فعليّاً حين يلتزم “الحزب” بكلّ المطلوب منه.

وفق المعلومات، سيضع قائد الجيش الحكومة أيضاً في آخر التطوّرات المرتبطة بالحدود الشرقية والشمالية لناحية نشر وحدات عسكرية إضافية تحسّباً لأيّ نوع من السيناريوهات

تنسيق ولكن…

– ثمّة معلومات مؤكّدة عن قرار الثنائي الشيعي بتعزيز غطاء حركة أمل و”الحزب” للجيش وقائده في كامل مراحل تطبيق القرار 1701، وتعزيز التنسيق المشترك، سيّما بين الجيش و”الحزب”، الذي وصل إلى حدّ زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا أمس قائد الجيش في اليرزة، وسبقتها اتّصالات هاتفية متبادلة. لكنّ السؤال الأكبر يتمحور حول مصير هذا التنسيق والغطاء حين يبدأ الجيش فعلاً مهمّة تفكيك البنى العسكرية التحتية للحزب، وسحب الذخيرة والأسلحة، ومنع المظاهر المسلّحة جنوب الليطاني، وتشديد رقابته على المعابر الحدودية. كما أنّ “الحزب” يتوجّس من اتّفاق الضمانات الأميركي-الإسرائيلي ويعتبره لغماً قد يطيح باتّفاق وقف إطلاق النار حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان.

في المقابل توجّس رسميّ من انخراط “الحزب” مجدّداً في الساحة السورية، خصوصاً إذا سيطرت “هيئة تحرير الشام” وفصائل المعارضة المسلّحة على حمص، الأقرب إلى الحدود اللبنانية، وهو ما يشكّل تهديداً مباشراً لعمق دمشق ولحدود لبنان الشمالية. كان لافتاً في هذا السياق ما ذكرته وكالة “رويترز” نقلاً عن مصدرين أمنيَّين أنّ “الحزب أرسل عدداً من المُشرفين العسكريين من لبنان إلى حمص”، وهو ما لم تنفِه قيادة “الحزب”. أتى ذلك بعد يوم واحد من إعلان الشيخ نعيم قاسم “أنّنا سنكون إلى جانب سوريا في إحباط العدوان بما نتمكّن منه”. أمّا الحكومة فقد اتّخذت قراراً بالتصدّي لموجات النزوح والطلب من الأجهزة الأمنية الاستنفار على الحدود الشمالية والشرقية.

ثمّة معلومات مؤكّدة عن قرار الثنائي الشيعي بتعزيز غطاء حركة أمل و”الحزب” للجيش وقائده في كامل مراحل تطبيق القرار 1701

مصير جلسة 9 كانون

– أمام هول الأحداث الكبرى التي تجري، بدءاً من “الحالة العسكرية” التي خرج منها “الحزب” بعد العدوان الإسرائيلي، والتطوّرات المتسارعة والدراماتيكية في سوريا التي باتت تضع دمشق نفسها في دائرة الخطر واحتمال الإطاحة بنظام بشار الأسد، وتدشين أكبر عملية مراقبة أمنيّة، بإشراف القيادة الأميركية الوسطى ومشاركة فرنسا، لجنوب الليطاني تحت عنوان تطبيق الـ 1701، يصبح جائزاً طرح سؤال عن مصير جلسة التاسع من كانون الثاني لانتخاب رئيس الجمهورية وسط هذه البراكين.

على الرغم من التسريبات عن احتمال تأجيلها، تؤكّد مصادر رسمية أنّ الجلسة قائمة في موعدها إلّا إذا حصلت تطوّرات غير محسوبة، والرئيس بري أضاف إليها ضيفاً هو آموس هوكستين، والجهود مستمرّة للتوافق على اسم. لكنّ انعقادها لا يعني بالضرورة أنّها ستخرج برئيس، لذا سيبادر الرئيس برّي إلى تحديد موعد آخر بغية استكمال الاتّصالات.

إقرأ أيضاً: المعارضة قد تطلب تأجيل موعد الانتخابات الرّئاسيّة

 

لمتابعة الكاتب على X:

@MalakAkil

مواضيع ذات صلة

اتفاق غزّة: ترامب “يقفل” ملفّ الشّرق الأوسط…

تسير المُتغيّرات في المنطقة على وقعِ دخول الرئيس الأميركي المُنتخَب دونالد ترامب المكتب البيضاويّ. كلّما اقترَبَ موعدُ دخوله، تسارَعت الأحداث. وكأنّ المنطقة “تنظّف نفسها”، تحضيراً…

الثنائي لن يستسلم… أمام الانقلاب المخمليّ

الأرجح، هو الانقلاب المخملي الوحيد الذي شهده تاريخ لبنان الحديث، وتحديداً منذ قيام جمهورية الطائف. حتى اغتيال رفيق الحريري، وما تبعه من أحداث وتطوّرات حملت…

عون – سلام: لا كسر للشيعة

في أربع وعشرين ساعة تغيّر المشهد. ما الذي تغيّر؟ لا بدّ أن نعترف أنّ المتغيّرات في البلد أصبحت حتميّة. وطوفان التغيير منذ 17 تشرين الأوّل…

ترتيب المشهد اللّيبيّ.. هل يحكم سيف الإسلام القذّافي؟

حقّق سيف الإسلام القذافي “نصراً كاسحاً” في الانتخابات البلدية التي شهدتها ليبيا، كما سمّاه، في تشرين الثاني الماضي. حين شارك 74% من الليبيين في تلك…