“إنزال” في البرلمان: التّمديد لقائد الجيش

مدة القراءة 7 د

يترافق سقوط مفاوضات وقف إطلاق النار مع انكشاف أمنيّ وعسكري وسياسي كامل، عبّر عنه بالسياسة النائب السابق وليد جنبلاط بقوله إنّ “آموس هوكستين تآمر علينا وقدّم لنا ورقة استسلام”. أمّا على الأرض فاستباحة كاملة للأراضي اللبنانية وصلت إلى شاليهات البترون مع توقّع مزيد من “الانفضاح الوطني” في ظلّ عجز كامل عن ردع العدوّ عن تنفيذ مخطّطه التدميري الشرّير وفرض شروطه بقوّة النار.

 

أمام هذا الواقع، وفي ظلّ تسليم قوى بارزة في السلطة بأنّ “الحرب طويلة”، يتقدّم ملفّ التمديد لقائد الجيش على ما عداه، فيما تؤكّد معطيات “أساس” بأنّ تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون حاصل حتماً ومعه المدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العامّ للأمن العامّ اللواء الياس البيسري وذلك لعام ٍ واحد، وفق اقتراح قانون لتكتّل الاعتدال الوطني سيُقرّ في مجلس النواب. في المقابل، ستبقى الحكومة بمنأى عن أيّ اجتهادات تدخلها على خطّ التمديد في ظلّ الرفض المستمرّ لوزيرَي الدفاع موريس سليم والداخلية بسام المولوي توقيع اقتراح التمديد لكلّ من عون وعثمان.

انكشاف أمنيّ

في 7 تشرين الأوّل الماضي أطلق العدوّ الإسرائيلي تحذيراً كان الأوّل من نوعه “بإخلاء المنطقة البحرية جنوب لبنان وتفادي ارتياد شاطئ البحر أو ركوب قوارب على ساحل لبنان من نهر الأوّلي جنوباً حتى إشعار آخر”. شكّل هذا الأمر بوادر لعمليات عسكرية خاطفة أو قصف بالبوارج البحرية الإسرائيلية، فيما أكّد يومها بيان رسمي للعدوّ “العمل في الوقت القريب في المنطقة البحرية ضدّ أنشطة الحزب”. وفي 17 من الشهر عينه أسقطت بارجة ألمانية تعمل ضمن قوات “اليونيفيل” طائرة مسيّرة تابعة للحزب قبالة السواحل اللبنانية كانت متّجهة نحو الأراضي الفلسطينية المحتلّة.

تجاوزت “القوات”، وفق المعطيات، “مطلبها” أن تتشارك مع نواب “الاعتدال” في تقديم اقتراح قانون بالتمديد لكلّ قادة الأجهزة

فيما كان منتظراً تنفيذ القوات الإسرائيلية إنزالاً شبيهاً بإنزال مستشفى دار الحكمة في بعلبك عام 2006 أو إنزالاً من الجهة الجنوبية في سياق استكمال محاولة الإطباق على حركة عناصر الحزب جوّاً وبرّاً وبحراً، أتت عملية الكوماندوس الإسرائيلية على شاطئ البترون فجر الجمعة 1 تشرين الثاني وخطف القبطان البحري عماد أمهز من دون أيّ تدخّل من الفرقاطة الألمانية أو دراية من جانب الجيش اللبناني تحديداً، لتُثبّت واقع الانكشاف الأمني والعسكري شبه الكامل على الأراضي اللبنانية الذي وصل إلى حدّ التضييق على مهامّ عمل قوات اليونيفيل في الناقورة غرباً.

في المقابل، بدا أنّ البقعة الوحيدة التي يتمّ التصدّي فيها حصراً للاعتداءات الإسرائيلية لا تترجم إلّا على محاور المواجهات الميدانية المفتوحة على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية بحيث تؤكّد المعطيات أنّه منذ بدء التوغّل البرّي الإسرائيلي لم يتمكّن العدوّ حتى الآن من احتلال أيّ قرية، بما في ذلك بلدة الخيام التي تؤكّد المعلومات انسحاب كلّ قوات العدوّ منها بما في ذلك النقاط التي كان تقدّم باتّجاهها ولم يفلح بتجاوزها نحو عمق البلدة. كما أنّ “حلم” نتنياهو بإعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم يُواجه بتوسيع رقعة استهداف الحزب لهذه المستوطنات.

من بيت مري إلى البترون!

فعليّاً، كرّس “إنزال البترون” الذي أقرّ جيش العدوّ أمس بـ”التخطيط له منذ فترة طويلة كان خلالها عماد أمهز تحت المراقبة، وتمّ انتظار الفرصة الميدانية المناسبة لتنفيذه”، واقع انكشاف الداخل أمام أيّ نوع من “الاجتياحات” الاستخبارية التي كان مهّد لها العدوّ بشكل فاضح قبل بدء الحرب الجوّية في نيسان الماضي حين نفّذت قوّة من الموساد الإسرائيلي عملية استدراج الحاج محمد سرور ثمّ تعذيبه وقتله في منطقة بيت مري بعد استئجار فيلا لهذه الغاية بمبلغ ماليّ كبير. وسرور مدرج على لائحة العقوبات الأميركية ويعمل في نطاق الصيرفة والتحويلات المالية.

يقول نائب تكتّل الاعتدال الوطني أحمد الخير لـ”أساس”: نؤيّد أيّ اقتراح قانون يحمل طابع الشمولية وفق سلّة واحدة

حركة “أمل” ستمشي بالتّمديد

تتّكئ جهات نيابية على واقع وصول مفاوضات وقف إطلاق النار إلى حائط مسدود وترحيلها إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، ربّما بوقت طويل، وجمود ملفّ رئاسة الجمهورية وحالات التوتّر التي يشهدها الشارع، لتعطي مشروعيّة أكبر للتمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة.

راهناً، هناك اقتراح قانون مقدّم من “القوات اللبنانية” للتمديد فقط لقائد الجيش، ومسعى موازٍ لاقتراح قانون جديد من قبل “تكتّل الاعتدال الوطني” يشمل كلّ قادة الأجهزة الأمنيّة، في ظلّ تأكيد مصادر مطّلعة لـ”أساس” أنّ “نوّاب حركة “أمل” سيسيرون بالتمديد لقادة الأجهزة في ظلّ إدراك الرئيس نبيه بري لحساسية الوضع الأمني وضرورة التصدّي لكلّ مشاريع الفتنة”. أمّا نوّاب الحزب و”التيار الوطني الحرّ” فقد يقاطعون الجلسة كما حصل العام الماضي.

التمديد

يُذكر أيضاً أنّ هناك اقتراح قانون مقدّم من النائب بلال عبد الله بتأجيل تسريح كل الضبّاط والعسكريين لمدّة سنتين والتمديد أيضاً لموظفي الإدارة العامّة.

التّمديد لكلّ الرّتب

يقول نائب تكتّل الاعتدال الوطني أحمد الخير لـ”أساس”: “نؤيّد أيّ اقتراح قانون يحمل طابع الشمولية وفق سلّة واحدة. في ما يتعلّق باقتراح “القوات”، نحن نعتبر أنّ أيّ اقتراح لا يراعي مبدأ الشمولية لن يؤدّي إلى أيّ نتيجة. نحن ندعو “القوات” إلى إعادة النظر باقتراحها والمشاركة في تفعيل التشاور مع كلّ الكتل النيابية للوصول إلى نتيجة ملموسة وبنّاءة”.

يؤكّد “استكمال آلية التشاور القائمة التي كانت أصلاً تشمل “القوات اللبنانية” إضافة إلى كلّ الكتل. ونحن نسعى إلى إقرار اقتراح قانون يحمل طابع الشمولية ومتوافق عليه مع أغلبية القوى البرلمانية، خصوصاً أنّ اقتراح القانون الذي قدّمناه العام الماضي وجرى إقراره كان حاجة ضرورية لتحقيق الاستقرار الأمنيّ، لكن في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان يزيدنا واقع العدوان الإسرائيلي على لبنان تصميماً على أهمّية وجود قادة أجهزة بالأصالة”.

 هناك اقتراح قانون مقدّم من النائب بلال عبد الله بتأجيل تسريح كل الضبّاط والعسكريين لمدّة سنتين والتمديد أيضاً لموظفي الإدارة العامّة

كما يلفت الخير إلى أنّه “بمعزل عمّن سيتقدّم بالاقتراح إلى جانب تكتّل الاعتدال، الأهمّ أن يكون حصيلة تشاور بنّاء مع كلّ الأفرقاء”، كاشفاً عن “وجود خيارين بين إقرار القانون بصيغته التي قدّمت العام الماضي، أي فقط قادة الأجهزة الأمنيّة، أو حصول تغيير في فحوى القانون المقدّم لجهة “الشمولية الأوسع”، أي أن يشمل كلّ الرتب العسكرية. ونحن ندرك أهمّية هذا الأمر، لكنّه خاضع لآليّة التوافق على أحد هذين الخيارين”.

انقلاب “القوّات”

في السياق نفسه، تؤكّد معطيات “أساس” أنّ نواب “القوات” انقلبوا على موقفهم الذي سبق أن تحدّثوا عنه صراحة خلال لقاءاتهم مع “كتلة الاعتدال” حين أقرّوا بصعوبة تمرير قانون يطلب التمديد فقط لشخص قائد الجيش، وهو الاقتراح نفسه الذي سقط العام الماضي، لكنّهم مع ذلك غافلوا نواب “الاعتدال” وتقدّموا بهذا الاقتراح.

كما تجاوزت “القوات”، وفق المعطيات، “مطلبها” أن تتشارك مع نواب “الاعتدال” في تقديم اقتراح قانون بالتمديد لكلّ قادة الأجهزة، وهو الأمر الذي وافق عليه نواب “الاعتدال”، لكنّ “القوات” انفردت بطلب التمديد لعون.

إقرأ أيضاً: التّمديد 2 لقائد الجيش يسبق الميدان والرّئاسة

تقول مصادر مطّلعة لـ”أساس: “لم نعد نعرف إذا كانت “القوات” تخدم قائد الجيش أو تسيء إليه، وما إذا هذا الأمر مقصوداً فعلاً، أولّاً لجهة أنّ اقتراح القانون من الصعب جدّاً أن يمرّ بصيغته المقدّمة من جانب “القوات” التي تريد تعديل القانون من أجل شخص واحد، أو لجهة الصبغة السياسية لها مع كلّ ما تحمله من حساسيّات بحيث بدت الطرف المسيحي الأكثر حماسة للتمديد لقائد الجيش”.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@MalakAkil

مواضيع ذات صلة

تموضعات انقلابيّة لبنانيّاً بعد الزلزال السّوريّ؟

تسارعت الأحداث إلى حدّ إحداث زلازل متتالية لم تنتهِ بعد. ففيما كان خصوم “الحزب” يرصدون بدء تفكيك البنى التحتية العسكرية للمقاومة “بدءاً من جنوب الليطاني”،…

سرّ اجتماع غازي عنتاب الذي “أسقط” الأسد

حملت الساعات الأخيرة التي سبقت سقوط النّظام السّوريّ السّابق ورئيسه بشّار الأسد اجتماعات علنيّة وسرّيّة لمناقشة مرحلة ما بعد الأسد. أبرزها اجتماع شهدته مدينة غازي…

اسقاط بشّار… ماذا عن “الحزب”؟

ما وَصَفه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ “الخطير جدّاً” حيال ما يحدث في سوريا، وبأنّه “مؤامرة متورّطة فيها قوى كبرى”، تعاطت معه معظم القوى…

نصيحة “جمهوريّة” لعين التّينة: رئيس بـ86 صوتاً… أو التّأجيل

لا تختلف الإدارتان، الديمقراطية والجمهورية، في مقاربتهما لمسار الحلّ في المنطقة. الفارق الوحيد بينهما هو الأسلوب. فبينما اعتمد الرئيس جو بايدن سياسة الجزرة ثمّ العصا…