لذلك ضاع لبنان

مدة القراءة 2 د

قرأت عبارة سابقة للسياسي الاقتصادي الوطني اللبناني محمد شطح، خلاصتها أنه يجب على جيلنا ألا يعيش نفس مأساة الأجيال السابقة، نخرج من حرب لندخل أخرى، نريد الحياة والمستقبل.

لكن هذا الرجل الذي كان من ألمع العقول اللبنانية، المالية والتخطيطية سواء حين كان وزيراً للمال أو في البنك الدولي، لقي مصرعه في ديسمبر (كانون الأول) 2013، مع مرافقه في الانفجار الذي نجم عن سيارة مفخخة في منطقة عين المريسة السكنية.

لا نحتاج إلى القول من هو قاتل شطح، فقاتله هو قاتل كل نخبة لبنان منذ رفيق الحريري حتى جبران تويني وسمير قصير وبيار الجميل والوسامين: الحسن وعيد، وباسل فليحان ووليد عيدو ولقمان سليم وهاشم السلمان… إلخ قاتل هؤلاء، والمستفيد من تغييبهم عن الحياة هو نفسه الذي حكم لبنان بقوة السلاح وخطاب المزايدة والتخوين واتهام مخاليفه إما بالصهيونية أو اليزيدية، أو بهما معاً.

نعم لبنان اليوم في حرب وكرب، لكن ليس من وظيفة الكتاب سفح الدموع وجبر الخواطر وإخفاء العيوب، علينا العودة قليلاً للوراء لنعرف كيف صارت صورة لبنان اليوم على هذا الطراز القبيح، لا طعام من جوع ولا أمن من خوف.

هذا الواقع التعيس سببه الجوهري، ليس وحشية نتنياهو ولا تجبر إسرائيل ولا دعم أميركا، فكل هذه الأمور موجودة من زمان، والغباء هو أن تمنح عدوك «المتوحش» الذرائع تلو الذرائع، ليدمرك، وأنت مكتفٍ بخطب النصر المزيف وتخويف وتخوين ناس وطنك.

هذا نتاج سياسات سابقة وسلوكيات سالفة، والمقدمات تقود للنتائج، ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

يقولون: ليس هذا وقت النقد والاختلاف؟! هذا وقت التغاضي والتعالي على الخلافات. غلط!

بل هذا هو وقت نقد الذات ومراجعة التجربة وتغيير تربة السياسية واستزراع نبت صحي جديد، فمن جرب المجرب فعقله مخرب.

حصاد حكم إيران للبنان من خلال «حزب الله»، وحصاد تذاكي ساسة لبنان وقادة طوائفه وأحزابه، وتفاهة بعضهم الذي ينشغل بمصالحه وملاذه الخاصة في ظروف تؤدي لضياع البلد وجر وحوش الأرض إليه… كل هذا الإرث الرث القبيح، حان وقت تركه ورميه في عراء النسيان… والبداية من جديد.

لبنان ضاع بسبب احتلال إيران لقراره، وتفاهة وفهلوة وفساد بعض ساسته، وبسبب مناخ إقليمي دولي جعل نتنياهو يقرر، منفرداً: تغيير الموازين في الشرق الأوسط كله.

 

*نقلاً عن “الشرق الأوسط”

مواضيع ذات صلة

أسئلة إيرانيّة وجوديّة بعد الضّربة الإسرائيليّة وانتخاب ترامب

خمسة أسئلة حاسمة، فرضتها الضربة الإسرائيلية الأخيرة على إيران، لم تكن مطروحة بهذه الحدّة من قبل. وهي ليست أسئلة تتعلّق بالتكتيكات والمناورات بقدر تعلّقها بجوهر…

إيران خسرت “قاعدتها المتقدّمة”… وباتت “في المواجهة”

مهما قيل ويُقال عن الحزب باعتباره القوّة التي لا تُقهر والتنظيم الذي لا يُخترق أمنيّاً على الرغم ممّا أصابه من أهوال وصلت إلى درجة محو…

أنقرة – موسكو: الشّدّ والجذب السّوريّ؟

صدر عن القيادات السياسية التركية والروسية في الآونة الأخيرة تصريحات متناقضة حول ملفّات ثنائية وإقليمية مشتركة تعني الطرفين، الشقّ السوري فيها كانت له الأولويّة دائماً…

ترامب عن إيران ولبنان: كلام ممنوع من النّشر

قبل 72 ساعة من فتح صناديق الاقتراع في أميركا، مرّ ترامب مرور الكرام في ذلك المطعم في ديربورن، في الضاحية الجنوبية لمدينة ديترويت. وقف موزّعاً…