إغناتيوس: فرصة واشنطن لإعادة بناء السّيادة اللّبنانيّة

مدة القراءة 5 د

على الرغم من فشل دبلوماسيّتها في كبح جماح إسرائيل وتهدئة الصراع في الشرق الأوسط، يعتقد المحلّل السياسي الأميركي ديفيد إغناتيوس أنّ لدى إدارة بايدن اليوم فرصة جديدة للمشاركة البنّاءة: مساعدة القوات المسلّحة اللبنانية على ملء الفراغ الذي خلّفه انهيار الحزب وإعادة تأسيس سيادة الحكومة اللبنانية.

 

يرى إغناتيوس في مقاله الأسبوعي في صحيفة “واشنطن بوست” أنّه “بينما تسحق إسرائيل الحزب في لبنان، ويزعم منتقدوها أنّها تخلق فوضى جديدة تماماً كما فعلت في غزة، ولا يبدو أنّ لديها خطة لتجميع القطع، يمكن للولايات المتحدة أن تحدث فرقاً حاسماً. فلأكثر من عقد من الزمان، كانت القيادة المركزية الأميركية، المسؤولة عن الشرق الأوسط، تعمل مع القوات المسلّحة اللبنانية لتعزيز قدرتها على استعادة السيطرة على حدود البلاد، إذا ضعفت قبضة الحزب. ويبدو أنّ تلك اللحظة قد حانت. فقد أدّى قطع رأس الحزب على يد إسرائيل، الذي بلغ ذروته بقتل حسن نصرالله الأسبوع الماضي، إلى خلق فراغ أمنيّ في لبنان. ولا شكّ أنّ الرتب الدنيا من الحزب التي أصيبت بالصدمة تأمل ملء هذا الفراغ. ولكن للمرّة الأولى منذ جيل، هناك فرصة حقيقية لأن تتولّى القوات المسلّحة اللبنانية السيطرة على أمن البلاد وحدودها، بمساعدة مناسبة”.

الفرصة الهائلة

ينقل إغناتيوس عن مسؤول كبير في إدارة بايدن قوله إنّ واشنطن “ترى فرصة هائلة لمساعدة لبنان على استعادة السيادة، وسيتعيّن على إدارة بايدن التحرّك بسرعة والحسم بينما لا يزال الحزب في حالة من الفوضى والاضطراب”. كما يذكّر بتقرير المونيتور الإخبارية في وقت زيارة قائد الجيش اللبناني جوزف عون في منتصف تموز الماضي لواشنطن الذي أفاد بأنّ مسؤولي إدارة بايدن طلبوا من القوات المسلّحة اللبنانية إعداد قوّة يمكن نشرها بالقرب من الحدود لمراقبة المنطقة العازلة المستقبلية التي يتمّ التفاوض عليها بين إسرائيل والحزب، وبتصريح آموس هوكستين، المبعوث الخاص لبايدن إلى لبنان، بأنّ نشر القوات المسلّحة اللبنانية سيتطلّب “قدراً هائلاً من الموارد المالية، والحاجة إلى التجنيد والتدريب والتجهيز، وهذا يستغرق وقتاً”.

ينقل إغناتيوس عن مسؤول كبير في إدارة بايدن قوله إنّ واشنطن “ترى فرصة هائلة لمساعدة لبنان على استعادة السيادة

اليوم التّالي والمخاطر

يدرك إغناتيوس أنّ “مهمّة “اليوم التالي” في لبنان ستكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها”، مشيراً إلى التكاليف المحتملة، ومذكّراً بتفجير السفارة الأميركية وثكنات مشاة البحرية في بيروت عام 1983 حيث كانت العمليات، التي نفّذها أسلاف الحزب المدعومون من إيران، تهدف إلى تخريب “مهمّة الوجود” الأميركية الغامضة التعريف، كما وصفها المسؤولون في ذلك الوقت حين كانت الولايات المتحدة تأمل تثبيت استقرار الدولة اللبنانية بعد غزو إسرائيل المؤلم عام 1982.

إغناتيوس

في رأي إغناتيوس أنّه “لا بدّ لأيّ وجود أميركي على الأرض هذه المرّة أن يكون محدوداً للغاية ومحميّاً جيّداً لتجنّب تكرار كارثة عام 1983. لكنّ هذا لا يعني أنّه مستحيل. لقد كانت القيادة المركزية تتدرّب بانتظام مع القوات المسلّحة اللبنانية لسنوات، وللضبّاط من كلا الجانبين اتّصال وثيق. تعمل القوات الأميركية في أماكن أخرى معرّضة للخطر في المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق”. ويشير إلى تصريح دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع للشرق الأوسط، “بعد مناورة مشتركة مع القوات المسلّحة اللبنانية استمرّت 11 يوماً في أيار 2021، قالت فيه: نحن مهتمّون بتطوير شراكة طويلة الأمد مع مؤسّسة تستجيب للشعب اللبناني، وملتزمة ما هو في مصلحتهم، وهي مؤسّسة تمثيلية وطنية توفّر بديلاً للحزب”.

يلفت إغناتيوس إلى مقال للصحافي مايكل يونغ، على موقع ديوان التابع لمؤسّسة كارنيغي، قارن فيه بين “منطق المقاومة” الذي يتبنّاه الحزب و”منطق الدولة”، وقال إنّ الأخير “يفرض نفسه على بلد انجرف إلى الكارثة بسبب جماعة مسلّحة تجاهلت الدولة اللبنانية”، مؤكّداً أنّ العديد من اللبنانيين يرون أنّ “المؤسّسة الوطنية الوحيدة التي تحتفظ بالمصداقية والتأييد الشعبي الواسع النطاق هي الجيش اللبناني”.

يدرك إغناتيوس أنّ “مهمّة “اليوم التالي” في لبنان ستكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها”، مشيراً إلى التكاليف المحتملة

يخلص إلى القول: “خلال العام الماضي من الحرب. لم تكن السيطرة التكتيكية المتزايدة لإسرائيل مصحوبة بالتخطيط الاستراتيجي المناسب لفترة ما بعد الحرب. ففي غزة ولبنان، تترك اسرائيل وراءها الأنقاض والغضب المشتعل، وأرضاً خصبة للحروب المستقبلية.

إقرأ أيضاً: توماس فريدمان: “إنّها اللحظة الأكثر خطورة في الشّرق الأوسط”

للأسف، يمكن تصنيف الحكم المستقرّ لدولة فلسطينية مستقبلية في غزة والضفة الغربية بأنّه صعب للغاية في الوقت الحالي. لكنّ إعادة بناء الدولة اللبنانية وراء جيش قويّ يدعمه سكّان سئموا من خيال الحزب للمقاومة العنيفة هو هدف يمكن تحقيقه. سيتطلّب ذلك جهداً أميركياً منضبطاً وإرادة سياسية. لكنّها مهمة جديرة بالاهتمام خلال الأشهر الأخيرة لجو بايدن في منصبه وخليفته”.

 

لقراءة النص الأصلي:

إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

عماد أمهز: عملية خطف أم إنقاذ؟

هل كان القبطان اللبناني الذي اختطفته إسرائيل وادعت أنه مسؤول عسكري في الحزب، عميلاً مزدوجاً؟ سؤال طرحته مراسلة صحيفة “التلغراف” البريطانية من تل ابيب، بشأن…

مسلم أميركي يُحذّر: دعمنا لترامب “تدمير للذات”

ظهرت حديثاً مجموعة من القادة الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين في ميشيغان على خشبة المسرح في تجمع حاشد للمرشح دونالد ترامب وحثوا مجتمعاتهم على التصويت له….

معضلة المرشد الأعلى

يواجه الزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي الآن معضلة من صنعه، وهو، في رأي المحلّل السياسي الإيراني الأميركي في مؤسّسة كارنيغي للسلام الدولي كريم سجادبور،…

روسيا والصّين وإيران في “صّندوق” البيت الأبيض

مع احتدام السباق الرئاسي الأميركي، يخشى المسؤولون في واشنطن من تداعيات كبيرة للتأثير الأجنبي على الناخبين الأميركيين، لأنّه أصبح بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” أكثر…