لبنان… الرأي قبل شجاعة الشجعان

2024-09-19

لبنان… الرأي قبل شجاعة الشجعان

لم يكد دخان ونار التفجيرات الصغيرة في أجهزة النداء القديمة، المعروفة باسم “بيجر” يهدآن، حتى اندلعت موجة نارية جديدة، مستهدفة هذه المرة أجهزة الجوال، وغيرها من الأجهزة.

اتضحت الصورة إذن، فهي هجمة إسرائيلية تكنولوجية، من طراز جديد، تستهدف بالأصالة، أعضاء، بل قواعد، “حزب الله” في لبنان، تاركة خلفها صدمة نفسية رهيبة، ناهيك من آلاف من القتلى والجرحى… ومن الجرحى، كما يتمّ تداوله، السفير الإيراني لدى لبنان، مجتبى أماني، الذي كان يحمل جهاز البيجر الخاص بأعضاء “حزب الله” في لبنان!

هل هناك موجات أخرى؟ وهل ستكون بالطريقة نفسها، تفجير أجهزة شخصية أخرى… مثل ماذا؟ أو ستكون موجات من نوع مختلف، يعقبها هجوم عسكري صريح، على الجنوب اللبناني؟

لا ندري… لكن الأكيد حتى الآن، أن النكاية الإسرائيلية في “حزب الله”، ومن خلفه حتى بعض اللبنانيين الأبرياء، والبلد المنكوب من الطرفين، “حزب الله” وإسرائيل، طبعاً، نكاية مؤلمة لا سابق لها.

هنا سؤال كبير، ماذا عن إيران الحاضنة المغذّية الأولى لـ”حزب الله”، والمستفيدة العظمى منه، بوصفه قطعة عضوية من جسد “الحرس الثوري”… هل اقتصرت النكاية الإسرائيلية عليها في حزبها، وسفيرها لدى لبنان، أو يمكن تكرار هذا السيناريو “الرقمي” في إيران نفسها؟

النائب الإيراني، رضا حاجي بور، قال لوكالة “إيسنا” الحكومية، إنه وجّه تحذيراً مكتوباً إلى الرئيس مسعود بزشكيان، ووزراء الاتصالات والاستخبارات والخارجية والداخلية… بعد هجمات البيجر في لبنان.

أثبتت إسرائيل، شئنا أم أبينا، أن لديها ذراعاً طويلة في المنطقة، وتملك مفاجآت أفصحت عن بعضها، وكتمت الكثير، ولا ندري عن المقبل!

نعيد التذكير بما أوردناه بالأمس عن ميزان القوة الراجح بوضوح لصالح إسرائيل، عسكرياً واستخبارياً وتكنولوجياً، وأن الاعتراف بهذا الواقع، الآن، يوفّر كثيراً من الأسى والضحايا، وإضاعة الوقت في الخطب العصماء.

إقرأ أيضاً: نكسة لبنان الرقمية

هل يعني ذلك الاستسلام للإرادة الإسرائيلية، وخاصة في عهد نتنياهو؟ أبداً، بل يعني العودة، للنهج العربي المخلص، في تخليص قضية فلسطين، من استغلال إيران وخلاياها، ومزايدات “حماس” وإخوانها، ومدافع الخطباء الصوتية على السوشيال ميديا، وخلق منظومة ضغط سياسي وقانوني وأخلاقي، عالمية، ضد الامتناع الإسرائيلي، للوصول إلى ميناء السلام… فسلاح الأخلاق والقوة السياسية، أعظم أحياناً، من السلاح العاري، الذي لا تملك فيه إلا نقاطاً قليلة، فيما يملك خصمك التفوق الساحق عليك، أقلّه حتى الآن، وحتى أجلٍ لا نعلمه.

الاعتراف بالواقع، ليس جبناً، بل عقل وشجاعة أيضاً، فأن توصم – ظلماً – بالجبن، وتحمي ناسك وقضيتك، خير من أن توصف بالشجاعة، وتخسر كل شيء.

 

*نقلاً عن الشرق الأوسط

مواضيع ذات صلة

متى يستوعب الحزب أن لا عودة إلى تجربة 2006؟

في حرب صيف عام 2006، انتصر الحزب على لبنان واللبنانيين. في حرب غزّة التي اندلعت في 7 أكتوبر (تشرين الأوّل 2023)، سُحق لبنان بعدما استخفّ…

عام غزّة يلد حروباً وفاشيّة

العدوان الإسرائيلي على غزة بدأ قبل سنة، ولا يزال مستمرّاً بوتيرة القتل والدمار ذاتها، ليمثّل أطول حرب في تاريخ الحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين والعرب منذ…

اغتيال “السّيّد”… أو “فائض القوّة الشّيعيّ”؟

لن يكون اغتيال الأمين العامّ للحزب عابراً أو حادثاً عرضيّاً في تاريخ الشيعة في لبنان، بل هو حدث سيلقي بأوزاره على الطائفة الشيعية لسنوات وربّما…

أحزاب إيران أهملت البشر.. وعجزت عن الحُكم

لن يعود الشرق الأوسط كما كان في صباح 7 أكتوبر 2023. ما زالت معالم الواقع الجديد تتشكّل في الميدان، لكنّ نموذج التنظيمات المرتبطة بإيران بات…