4 سيناريوهات لحرب غزة؟

مدة القراءة 5 د

“المرحلة المكثّفة من الحرب مع حماس على وشك الانتهاء. والصراع على وشك دخول مرحلة جديدة. وربّما تكون المعركة التالية في لبنان، مع قوّات الحزب، حليف حماس”.

 

ترى صحيفة “نيويورك تايمز” في هذا التصريح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأحد الذي استعاده وزير الدفاع يوآف غالانت خلال زيارته لواشنطن يوم الإثنين، ما يشير إلى أنّ “أيّ حلّ دبلوماسي في غزة غير مؤكّد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ تحالف نتنياهو من المحتمل أن ينهار إذا توقّفت إسرائيل عن القتال في غزة دون أن تطرد حماس من السلطة”. كما يشير إلى أنّ “تركيز الخطاب السياسي والتخطيط الاستراتيجي لإسرائيل يتحوّل إلى حدودها الشمالية مع لبنان لكن مع ترك الباب مفتوحاً أمام قرار دبلوماسي مع الحزب”.

تطرح الصحيفة في هذا السياق أربعة سيناريوهات يمكن أن تحدث، سواء في غزة أو على الحدود الشمالية لإسرائيل:

1- غارات على غزة، لكن على نطاق أصغر: بمجرد انتهاء الحملة الإسرائيلية في رفح في الأسابيع المقبلة، من المتوقّع أن يركّز الجيش على عمليّات إنقاذ الرهائن في جميع أنحاء قطاع غزة، مثل تلك التي أنقذت أربعة إسرائيليين في أوائل حزيران وقتلت العشرات من الفلسطينيين. ويقول المسؤولون العسكريون أيضاً إنّهم سيواصلون شنّ غارات قصيرة على الأحياء التي استولوا عليها خلال المراحل السابقة من الحرب، لمنع مقاتلي حماس من استعادة الكثير من قوّتهم في تلك المناطق. تشمل نماذج هذا النوع من العمليات عودة إسرائيل إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة في آذار، بعد أربعة أشهر من الغارة الأولى عليه، أو العملية التي استمرّت ثلاثة أسابيع في أيار في جباليا، التي استولت عليها القوات الإسرائيلية في المرّة الأولى في تشرين الثاني.

 إعلان إسرائيل أنّها تنتقل إلى مرحلة جديدة في غزة يمكن أن يوفّر أيضاً سياقاً يفضي إلى تهدئة التصعيد

2- فراغ السلطة في غزّة: من خلال الانسحاب من جزء كبير من قطاع غزة دون التنازل عن السلطة لقيادة فلسطينية بديلة، يمكن لإسرائيل أن تسمح بشكل أساسي لقيادة حماس بالاحتفاظ بهيمنتها على القطاع المدمّر، على الأقلّ في الوقت الحالي، بحيث يتمكّن الجيش الإسرائيلي، إذا داهم غزة بانتظام، من منع حماس من العودة إلى قوّتها السابقة، لكنّ ذلك من شأنه أن يطيل أمد فراغ السلطة الذي تتنافس فيه العشائر والعصابات الكبيرة مع حماس على النفوذ. ومن شأن هذا الفراغ أن يزيد من صعوبة إعادة بناء غزة وتوزيع المساعدات وتخفيف معاناة المدنيين. ويجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على حدود غزة مع مصر لمنع تهريب الأسلحة إلى هناك، وأن تستمرّ في احتلال قطاع الأراضي الفاصل بين شمال غزة وجنوبها، وهو ما يحول دون حرّية التنقّل بين المنطقتين.

غزة

3- الحرب مع الحزب أو التهدئة: من خلال نقل المزيد من القوات إلى الحدود الشمالية، سيكون الجيش الإسرائيلي في وضع أفضل لغزو لبنان حتى يتمكّن من إجبار مقاتلي الحزب على الابتعاد عن الأراضي الإسرائيلية. لكنّ حشد القوات هناك قد يتسبّب في مزيد من إطلاق الصواريخ من الحزب، وهو ما يزيد من احتمالية حدوث سوء تقدير قد يؤدّي إلى حرب شاملة. وقد حذّر زعيم الحزب حسن نصر الله الأسبوع الماضي من أنّ حزبه قد يغزو إسرائيل، ويبدو أنّ خطر التصعيد أصبح أقرب ممّا كان عليه منذ أشهر.

أيّ حلّ دبلوماسي في غزة غير مؤكّد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ تحالف نتنياهو من المحتمل أن ينهار إذا توقّفت إسرائيل عن القتال

في الوقت نفسه، إعلان إسرائيل أنّها تنتقل إلى مرحلة جديدة في غزة يمكن أن يوفّر أيضاً سياقاً يفضي إلى تهدئة التصعيد. فتخفيف القتال في غزة يمكن أن يمنح الحزب مخرجاً. وفي شباط، قال نصر الله إنّ جماعته ستتوقّف عن إطلاق النار “عندما يتوقّف إطلاق النار في غزة”. كما أنّ فترة من الهدوء النسبي على طول الحدود اللبنانية قد تشجّع النازحين الإسرائيليين على العودة إلى ديارهم. وهو ما من شأنه أن يخفّف الضغط على الحكومة الإسرائيلية لاتّخاذ إجراءات أكثر صرامة ضدّ الحزب. كان أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت القادة الإسرائيليين يفكّرون في غزو لبنان هو تهيئة الظروف لإقناع النازحين الإسرائيليين بالعودة إلى ديارهم.

إقرأ أيضاً: فورين أفيرز: “حماس” لن تُهزم في غزة

4- استمرار التوتّرات مع إدارة بايدن: من خلال إعلان انسحاب قوّاته من غزة، ألغى نتنياهو أحد مصادر الاحتكاك مع الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنّه أبقى على مصادر أخرى. وانتقد بايدن سلوك إسرائيل في الحرب، حتى مع استمرار إدارته في تمويل إسرائيل وتزويدها بالأسلحة. ستوفّر الحرب الأقلّ تدميراً في غزة فرصاً أقلّ للجدال مع واشنطن حول الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية. لكنّ رفض نتنياهو صياغة خطّة واضحة لحكم غزة بعد الحرب، فضلاً عن الاحتمال الباقي للغزو الإسرائيلي للبنان، يترك فرصة كبيرة للخلاف مع واشنطن. تريد إدارة بايدن إنهاء القتال مع الحزب، وقد ضغطت على نتنياهو لعدّة أشهر لتمكين قيادة فلسطينية بديلة في غزة. لكنّ نتنياهو أبقى مستقبل غزة غامضاً، وسط ضغوط من شركائه في الائتلاف اليمينيّ الذين يريدون احتلال المنطقة وتوطين الإسرائيليين فيها.

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

“إيكونوميست” عن “تجارة النّفط السريّة التي تموّل حروب إيران” (2/2)

ما هو النظام الذي من خلاله تبيع إيران نفطها بطريقة سريّة، وتقبض ثمنه، وتوزّعه على ميليشياتها، خارج النظام المصرفي الدولي؟ وكيف تستطيع إدارة هذه العملية…

“إيكونوميست” عن “تجارة النّفط السريّة التي تموّل حروب إيران” (1/2)

ما هو النظام الذي من خلاله تبيع إيران نفطها بطريقة سريّة، وتقبض ثمنه، وتوزّعه على ميليشياتها، خارج النظام المصرفي الدولي؟ وكيف تستطيع إدارة هذه العملية…

فريدمان: وفاة السّنوار لحظة تاريخيّة لحلّ الدّولتين

يرى المحلّل والكاتب السياسي الأميركي توماس فريدمان أنّ “وفاة زعيم حماس يحيى السنوار. تتيح إمكانية اتّخاذ أكبر خطوة نحو حلّ الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ…

فريدمان: ماذا يقول بيرنز لرئيس الاستخبارات الإيرانيّة؟

لماذا لا ترسل واشنطن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بيل بيرنز للقاء نظيره الإيراني على أرض محايدة في مسقط، عاصمة عُمان، مع استراتيجية حقيقية للدبلوماسية…