جون بولتون: بايدن “الإيراني”… يهدّد أمن أميركا

2024-06-08

جون بولتون: بايدن “الإيراني”… يهدّد أمن أميركا

“إنّه العالم وقد انقلب رأساً على عقب حقّاً”.  بهذه العبارة وصف مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وسفير بلاده لدى الأمم المتحدة الدبلوماسي المعروف بطبعه العدائي المحبّ للحروب جون بولتون ما سمّاه “مرافعة الرئيس الأميركي جو بايدن عن إيران، عندما توسّل من حلفاء الولايات المتحدة السماح لوكالة تابعة للأمم المتحدة بالتساهل مع إيران البلد الإرهابي الذي ينشر الأسلحة النووية”، في مقالة نشرتها له صحيفة “وول ستريت جورنال”.

 

في رأي جون بولتون فإنّ المرافعة التي قدّمها بايدن دفاعاً عن إيران “ليست خطأ تكتيكياً بشأن قرار آخر للأمم المتحدة قابل للتحلّل. إنّه عمى استراتيجي مستمرّ يهدّد وجودياً شركاء الولايات المتحدة الرئيسيّين ويعرّض سلامنا وأمننا للخطر”.

وفقاً لبولتون، نجحت إيران إلى حدّ كبير في إبقاء الجوانب المهمّة من مجمّع أسلحتها النووية بعيداً عن تدقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرّية وأجهزة الاستخبارات الغربية، وأشار في مقال نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى قلق الأوروبيين أخيراً من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، وازدراء طهران لعمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة منذ عقدين من الزمن. لكنّه انتقد ردّ فعل الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه هذه “الصحوة الأوروبية” حيث “بدلاً من الترحيب بها يقال إنّه يضغط على الحلفاء الأوروبيين لتجنّب اتّخاذ قرار صارم ضدّ إيران في الاجتماع الفصليّ لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية هذا الأسبوع، والإدارة تنفي ذلك”.

مسؤولية أوباما – بايدن عن 7 أكتوبر

يعتبر بولتون أنّ هذا “التراخي مع التهديد النووي الإيراني يتناسب مع نمط أوباما-بايدن المتمثّل في عدم رؤية الحقائق الكبيرة، التي تبيّنت قبل وبعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بما في ذلك تبادل الأموال مع إيران مقابل الرهائن في العام الماضي”. ويعتقد أنّ موقف بايدن هذا يكشف عن هدفين له كلاهما مضلّل، بل وخطير:

أخطأ بايدن حين قرّر تركيز اهتمام العالم على غزة بدلاً من التركيز على إيران باعتبارها المحرّك للدمى وكلائها

– الأوّل هو الإبقاء على أسعار وقود البنزين منخفضة وتقليل عوامل التشتيت الأجنبية إلى الحدّ الأدنى قبل انتخابات تشرين الثاني.

– الثاني هو استرضاء آيات الله في إيران. فهو وأوباما لديهما هذا الهوس اعتقاداً منهما أنّ هؤلاء سيصبحون أقلّ شبهاً بقادة القرون الوسطى وأكثر امتثالاً إذا تمّت معاملتهم بشكل جيّد.

يكمن خطأ بايدن، في رأي بولتون، في أنّه لم يدرك أنّ المخاوف الانتخابية بشأن أسعار الغاز أدّت إلى إضعاف العقوبات الأميركية ضدّ روسيا التي فشلت بسبب أهدافها المتناقضة. وأنّه لا يمكن ببساطة الحدّ من الإيرادات الروسيّة مع إبقاء أسعار بنزين المضخّات الأميركية منخفضة. كما أنّ آيات الله لا يشعرون بالقلق بشأن الانتخابات، لكنّهم يدركون نقاط الضعف عندما يرونها، بما في ذلك تطبيق بايدن المتساهل للعقوبات على صادرات النفط الإيرانية.

بولتون

لكنّ الخطأ الأكبر الذي ارتكبه بايدن، يضيف بولتون، هو رفضه الاعتراف باستراتيجية “حلقة النار” التي تتبعها إيران لترهيب إسرائيل وتحقيق الهيمنة الإقليمية على الأنظمة الملكية المنتجة للنفط وغيرها من الدول العربية المزعجة.

تنفير العرب… وعجز بايدن

برنامج إيران النووي، وهو بالتحديد مشكلة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، هو العنصر الأساسي الذي يجعل من الممكن تحقيق هذه التطلّعات شبه الإمبراطورية. بدءاً من حملته الانتخابية عام 2020، قام بايدن مراراً وتكراراً بتنفير عرب الخليج، وخاصة السعودية، التي شعرت بالتهديد بشكل خاصّ بسبب حماسته للعودة إلى الاتفاق النووي الفاشل لعام 2015. وأقنع استعداده لاستبعاد إسرائيل والعرب من المفاوضات مع طهران، كما فعل أوباما، الحكومات العربية كما إسرائيل بأنّ واشنطن أصبحت مرّة أخرى عاجزة بشكل يائس.

في رأي جون بولتون فإنّ المرافعة التي قدّمها بايدن دفاعاً عن إيران “ليست خطأ تكتيكياً بشأن قرار آخر للأمم المتحدة قابل للتحلّل

بالنسبة لبولتون، يدرك القادة العرب سرّاً ضرورة القضاء على وكلاء طهران الإرهابيين. ومع ذلك، فإنّ قول ذلك علناً، حتى بتكتّم، يحتاج إلى تغطية سياسية لم تتمكّن واشنطن من توفيرها. وكان يمكن لإدارة بايدن أن تسعى إلى تدمير، لا منع فحسب، قدرة الحوثيين المدعومين من إيران على إغلاق طرق الشحن في قناة السويس والبحر الأحمر. لكنّ فشل الولايات المتحدة في القيام بذلك جعل ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف الشحن يزيد من خطر حقّ النقض الفعليّ لإيران والحوثيين على حرّية البحار. وليس من المستغرب أن تهدّد إيران الآن بحصار إسرائيل نفسها.

خطأ بايدن: إيران لا غزّة

أخطأ بايدن أيضاً، وفقاً لبولتون، حين قرّر تركيز اهتمام العالم على غزة بدلاً من التركيز على إيران باعتبارها المحرّك للدمى وكلائها. فهو بذلك ساعد في إخفاء حقيقة أنّ غزة ليست سوى عنصر واحد من التهديد الأوسع المتمثّل في “حلقة النار”. وركّز العديد من الإسرائيليين، بما في ذلك العديد من أعضاء مجلس الحرب، منذ فترة طويلة على التهديد القريب الذي يمثّله الإرهابيون الفلسطينيون بدلاً من التهديد الوجودي المتمثّل في إيران المسلّحة نووياً. فمكّن هذا الفشل المشترك دعاية إيران من التفوّق على دعاية إسرائيل، وهو ما ترك انطباعاً زائفاً بوجود تكافؤ أخلاقي.

يكمن خطأ بايدن، في رأي بولتون، في أنّه لم يدرك أنّ المخاوف الانتخابية بشأن أسعار الغاز أدّت إلى إضعاف العقوبات الأميركية ضدّ روسيا

لو أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل فسّرتا هجوم 7 أكتوبر من منظور استراتيجي أوسع، لكانتا، في رأي بولتون، ركّزتا الاهتمام على أزمة الخلافة المقبلة في إيران. فالمرشد الأعلى علي خامنئي مسنّ ومريض. وقد أدّى الاختفاء غير المبرّر للرئيس إبراهيم رئيسي بالفعل إلى صراع خلافة يمكن أن يحدث تحوّلاً في إيران. . لكن بدلاً من أن تساعد الولايات المتحدة وحلفاؤها المعارضة الإيرانية على كسر الثورة الإسلامية من قمّتها، أرسل بايدن، الذي لم يستطع تصوّر الإطاحة بآيات الله، مبعوثين للتوسّل إلى إيران بعدم إثارة المزيد من الاضطرابات حتى الانتخابات في تشرين الثاني.

إقرأ أيضاً: “فورين أفيرز” عن “أفضل استراتيجية لإنهاء الحركة”

يخلص بولتون إلى الاستنتاج بأنّ إرسال ما يسمّيه الدبلوماسيون “رسالة قويّة” من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران ليس بالأمر المهمّ، لكنّ التعامل مع إيران كما لو كانت هي صاحبة القرار هو الأمر الأكثر سوءاً. وفي رأيه أنّ “الدعاء من أجل أن يستيقظ بايدن على الواقع هو الأمل الوحيد الباقي للعالم”.

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

فريدمان: نتنياهو.. زعيم صغير في عصر عظيم؟

الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان مقالة يصف فيها اللحظة الحاليّة بأنّها حاسمة، إذ ستكشف ما “إذا كان نتنياهو الذي قدّم باستمرار مصالحه الشخصية على…

درعا تنتفض والأسد ينهار؟

بعد سنوات من النهاية المفترضة للحرب الأهلية في البلاد، بدأت سيطرة الأسد تتفكّك مرّة أخرى، إذ طفح الكيل بشعب جنوب سوريا، ويبدو أنّ الأزمة تتطوّر…

عندما ابتسمت ميلاني ترامب

“في ميلووكي في الليلة الأخيرة من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، اختارت ميلاني ترامب السيّدة الأولى السابقة عدم التحدّث. ارتدت بدلة حمراء زاهية من ديور، مصمّمة…

فريدمان: بايدن وترامب “روليت روسية بمسدّس محشوّ بالكامل”

في رأي الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان أنّ “المرشّحَين حاليّاً للرئاسة الأميركية جو بايدن ودونالد ترامب غير مؤهّلَين لهذا المنصب: فالأوّل رجل طيّب يعاني…