اتفاق الهدنة في غزّة: بيرنز يضغط.. والحزب “على الخطّ”

مدة القراءة 5 د

تُحاول الدّوائر المعنيّة في واشنطن والقاهرة والدّوحة أن تتوصّل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزّة منتصف الشّهر الجاري. وذلك على الرّغم من تعثّر المفاوضات قبل حلول شهر رمضان. فهل تبصر هدنة رمضان النور؟ وهل يكون اتفاق الهدنة في غزّة مقدّمة لهدنة في جنوب لبنان؟

 

ينبع إصرار واشنطن والقاهرة والدّوحة على إتمام اتفاق الهدنة في غزّة خلال شهر رمضان، من جدّيّة أميركيّة غير مسبوقة. إذ أرسَلَت واشنطن نهاية الأسبوع مدير وكالة الاستخبارات المركزيّة وليام بيرنز إلى مصر وقطر والأردن. وذلك تزامناً مع تصريحات أميركيّة بدأها الرّئيس الأميركي جو بايدن الذي رسَمَ خطّاً أحمرَ  يمنع تنفيذ عمليّة رفح، ما لم يتمّ إجلاء المدنيين. وهذا ما يحتاج إلى تهدئة.

الجديّة الأميركيّة تزامنت أيضاً مع لقاء جمع الأمين العام للحزب ونائب رئيس حركة حماس في غزّة خليل الحيّة.

بايدن يضغط على نتانياهو

بحسب معلومات “أساس” من مصادر عربيّة وأميركيّة مُطّلعة على زيارة بيرنز، فإنّ البحث خلال جولته الثلاثية تركّز على الآتي:

1- ضرورة التّوصّل إلى اتفاق الهدنة في أقرب وقتٍ ممكن. إذ تشير التقارير التي أعدّتها الـCIA إلى تزايد الاحتقان في الضّفّة الغربيّة والدّاخل الفلسطيني المُحتلّ. ما ينذر بسلسلة “عمليّات كبرى” قد يشهدها شهر رمضان في حال لم تنجح جهود التّهدئة في غزّة.

2- شدّدَ بيرنز في لقائه مع مدير الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع في مدينة العقبة الأردنيّة على ضرورة أن يُوسّع رئيس الوزراء ومجلس الحرب الإسرائيلي صلاحيّات الوفد المُفاوض. وهذا ما يرفضه نتنياهو حتّى اللحظة.

اتفاق الهدنة

يخشى نتنياهو أن يُقدِّمَ الوفد المفاوض، في حال وسّع صلاحياته، “تنازلات” في سبيل التّوصّل إلى اتفاق الهدنة مع “حماس” في غزّة. فهذا يُنذِر بانفجار الائتلاف اليمينيّ الذي أوصلَه إلى رئاسة الوزراء. وبالتّالي يُصبِح وجوده على رأس الحكومة مُهدّداً. كما قد تنعكس أيّ صفقة فيها تنازلات لصالح حماس على شعبيّته. تلك المُتآكلة أصلاً منذ هجوم “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر (تشرين الأوّل 2023).

ينبع إصرار واشنطن والقاهرة والدّوحة على إتمام اتفاق الهدنة في غزّة خلال شهر رمضان، من جدّيّة أميركيّة غير مسبوقة

3- طلبَ بيرنز من نظيره الإٍسرائيلي أن ينقل رسالة أميركيّة إلى نتنياهو. تحثّ على تخفيف وتيرة العمليّات العسكريّة في غزّة وتخفيف القيود في الضّفّة الغربيّة والقدس. وذلك في حال لم يتوصّل الأطراف المعنيّون إلى اتفاق تهدئة.

4- كذلك نقل بيرنز تحذيراً أميركيّاً جدّياً مُفاده أن واشنطن قد تجد نفسها مُرغمة لإعلان هدنة إنسانيّة في شهر رمضان. وذلك عبر مجلس الأمن الدّوليّ، في حال لم تجد تجاوباً إسرائيليّاً مع مطالبها.

5- طلبَ بيرنز من القطريين والمصريين أن يضغطوا أكثر على قيادة حركة حماس التي ما تزال مُتمسّكة بمطالبها.

“حماس” رفضت تقديم تنازلات

بحسب مصادر الوسطاء، فإنّ الحركة ليسَت بوارد تقديم تنازلات في سبيل الوصول إلى اتفاق الهدنة. على اعتبار أنّ الدّمار الذي سبّبه الجيش الإسرائيلي في القطاع، وسقوط ما يزيد عن 30 ألف مواطن في غزّة وسيّاسة التجويع والتهجير، تجعل من مطالبها أقلّ ما يُمكن أن تقبل به.

وحالياً تتركّز مطالب حماس على الآتي:

– آلية واضحة للتوصّل إلى وقفٍ شامل لإطلاق النّار في نهاية المطاف.

– عودة سكّان شمال القطاع إلى مناطقهم.

– زيادة وضمان استمرار تدفّق المُساعدات الإنسانيّة من غذاء وأدوية إلى القطاع من كافّة المعابر.

– انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خارج المُدن. مع جدول واضح يؤدّي إلى انسحابه من كافّة مناطق القطاع مع التّوصّل إلى وقفٍ شامل لإطلاق النّار.

– رفض تقديم أي لائحة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء ما لم يتم التّوصّل إلى اتفاق الهدنة. إذ تقول أوساط حماس لـ”اساس” إنّ هذا الأمر غير ممكن من دون وقف القتال، وذلك لإحصاء الأسرى المُوزّعين على طول خارطة قطاع غزّة. وانقطاع الاتصال بعدّة مجموعات كانت تقوم بحراسة بعضهم.

على الرّغم من تمسّك الجانبيْن بمطالبهما، إلّا أنّ الجدّيّة الأميركيّة والضّغط بعيداً عن الأضواء على المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة والفريق المعارض لنتنياهو داخل وخارج الكابينت، قد يُثمرُ هدنةً منتصف آذار.

الجدّيّة الأميركيّة والضّغط على المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة والفريق المعارض لنتنياهو قد يُثمرُ هدنةً منتصف رمضان

في حال لم يرضخ نتنياهو لكلّ الضّغوط الأميركيّة، فقد يكون شهر رمضان مُتفجّراً للغاية. على حدّ وصف مصدر مسؤول في مكتب الأمن القوميّ الأميركيّ لـ”أساس”.

لقاء نصرالله – الحيّة

ما يُشير أيضاً إلى تقدّم الجهود لتوقيع اتفاق الهدنة بعيداً عن الإعلام كانَ الإعلان عن لقاء جمع الأمين العام للحزب مع نائب رئيس حركة حماس في غزّة، خليل الحيّة، الاثنين الماضي.

بحثَ اللقاء جهود التّوصّل  إلى هدنة رمضانيّة في غزّة. وجدير بالذّكر أنّ خليل الحيّة يرأس وفد حماس في مفاوضات القاهرة.

ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أنّ لقاء نصرالله والحيّة الأخير كان في 22 تشرين الثّاني الماضي. أي قبل 24 ساعة من الإعلان عن نجاح جهود التّوصّل إلى هدنة يومذاك استمرّت لأسبوع بدءاً من 24 تشرين الثّاني.

إقرأ أيضاً: غزّة: الدولة لإدارة الشأن العامّ وليس لتطبيق الدين!

فهل يُثمر لقاءا نصرالله – الحيّة وبيرنز – برنياع تهدئةً في غزّة؟

أم أنّ شيطان التفاصيل و”شخصانيّة” نتنياهو قد ينسفان كلّ الجهود؟

 

لمتابعة الكاتب على X:

@IbrahimRihan2

مواضيع ذات صلة

برّي والرّئاسة: Now or Never

ما كادت تمرّ أيّام قليلة على الإطاحة بالنظام السوري، حتى ظهرت أوّل تداعيات “الانقلاب الكبير” على الرقعة اللبنانية، في شقّها الرئاسي: انقلبت أدوار القوى السياسية،…

لعبة الـ65 تقلب السّحر على السّاحر؟

قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إنّه إذا توافرت له فرصة الحصول على 65 صوتاً في المجلس النيابي، فقد يترشّح لرئاسة الجمهورية. هذا ليس…

الزلزال السوري: الخليج مرتاح لسقوط الأسد وقلقٌ من “العثمنة”

“ترحيب مشوب بالحذر وارتياح مع ترقّب”… مختصر الموقف الخليجي العامّ تجاه تطوّرات الأوضاع في سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد. فدول مجلس التعاون، التي ساندت…

“عصِر” أسماء قبل جلسة 9 كانون الثاني

دَخَلت جلسة التاسع من كانون الثاني مدار “الإعصار” الذي ضَرب لبنان وسوريا لجهة السؤال الكبير حول جدّية انتخاب رئيس الجمهورية وسط الفوضى العارمة في المنطقة،…