فريدمان: حرب الظلّ الأميركيّة مع إيران قد تنفجر

2024-03-06

فريدمان: حرب الظلّ الأميركيّة مع إيران قد تنفجر

لماذا تبقى القوات الأميركية في الشرق الأوسط؟ إنّها ليست مهمّة ممتعة أو بطولية العيش في سترة واقية من الرصاص طوال اليوم في بيئة قاسية ومعادية. فهل يستحقّ الأمر ذلك؟

سؤال طرحه الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان بعدما أمضى في الأسبوع الماضي فترة يومين. متنقّلاً في طائرة هليكوبتر من طراز CH-47 شينوك بين سبع قواعد عسكرية أميركية في غرب الأردن وشرق سوريا برفقة الجنرال مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط.

يكتب فريدمان في مقاله الأسبوعي في صحيفة “نيويورك تايمز”: “قد لا يعرف الأميركيون أنّهم في حالة حرب مع إيران. لكنّ الحرس الثوري الإيراني يعلم على وجه اليقين أنّه في حرب ظلّ مع أميركا من خلال وكلائه. وإذا كان أحد هؤلاء الوكلاء “محظوظاً” وتسبّب في وقوع إصابات جماعية بضرب سفينة حربية أميركية أو إحدى القواعد الأميركية في الأردن أو سوريا. شيء يشبه تفجير ثكنات مشاة البحرية في بيروت عام 1983. فمن المؤكّد أنّ الصراع بين الولايات المتحدة وإيران سيخرج من الظلّ ويتحوّل إلى حرب مباشرة في المنطقة التي يعتمد عليها العالم أكثر من غيرها للحصول على نفطه”.

تأهب للحرب

وفقاً لما قاله مسؤولو القيادة المركزية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط لفريدمان. فإنّ “حرب الشرق الأوسط الأخرى هذه في حالة تأهّب قصوى منذ 17 تشرين الأول. بعد 10 أيام من هجوم حماس على إسرائيل. كما عندما اتّخذت إيران بوضوح قراراً بتنشيط جميع وكلائها.

لكن يعتقد فريدمان أنّ لطهران أيضاً هدفاً مخفي وهو: تخويف حلفاء أميركا العرب من خلال إظهار الضرر الذي يمكن أن تُلحقه إيران بحاميهم الأميركي. ويحذّر من أنّ هذه هي أخطر لعبة على هذا الكوكب اليوم، وذلك لثلاثة أسباب:

1- هو الحجم الهائل للصواريخ والطائرات المسيّرة والقذائف التي نشرها وكلاء إيران. وخاصة جماعة الحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق.

يرى توماس فريدمان أنّ “بقاء القوات الأميركية في شرق سوريا والعراق والبحر الأحمر هو على وجه التحديد لمنع الفوضى “هناك”

وفقاً للقيادة المركزية، أطلق وكلاء إيران مئات الرؤوس الحربية. التي تحملها صواريخ أرض-بحر وصواريخ كروز. والصواريخ الباليستية والطائرات الهجومية المسيّرة والزوارق الانتحارية السريعة والمركبات غير المأهولة منذ 17 تشرين الأول على قواعد أو سفن حربية وتجارية أميركية في البحر الأحمر.

وأدّت الصواريخ والطائرات بدون طيار التي اخترقت المنطقة، إلى إصابة أكثر من 180 فرداً أميركياً حتى الآن. بالإضافة إلى أضرار مادّية في العديد من القواعد نظراً لأنّه تمّ تصميمها لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل خطوط إمداده وكتلته المرتبكة. فلم يكن المقصود منها أبداً ردع أو مهاجمة الترسانات الصاروخية الحديثة الهائلة لإيران ووكلائها. ولهذا السبب، في 28 كانون الثاني، قصفت طائرة إيرانية بدون طيار هجومية ذات اتجاه واحد ورأس حربي يزن 20 رطلاً. أطلقها تحالف من الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والتي تسمّى المقاومة الإسلامية في العراق. منشأة أميركية في البرج 22 في شمال شرق الأردن. وهو ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين.

2- هو قرار الولايات المتحدة الردّ على عدوانية وكلاء إيران بعد الهجوم على البرج 22. وذلك لجعل طهران تفهم أنّها كانت تلعب بالنار ولكي تثبت لها ولوكلائها نوع الحرب الاستخبارية/الدقيقة المشتركة. التي يمكن للولايات المتحدة نشرها بقتل أبي باقر الساعدي القائد المحدّد لكتائب حزب الله. الذي كان مسؤولاً، وفقاً للولايات المتحدة، عن هجمات بطائرات بدون طيار على قواعدها في العراق والأردن وسوريا.

فهذا الردّ الأميركي لفت انتباه الإيرانيين بوضوح. ومنذ ذلك الحين، التزم وكلاؤهم بوقف إطلاق النار غير المعلن على الأرض. لكن لم يتقبّل الحوثيون وقف إطلاق النار غير الرسمي هذا. على الأقلّ حتى يتمّ التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وضربوا سفينة الشحن روبيمار التي ترفع علم بليز، بصاروخ باليستي مضادّ للسفن في 18 شباط. وكانت أول سفينة تغرق بالكامل في مضيق باب المندب وخلقت فوضى بيئية هائلة بسبب تسرّب الوقود والأسمدة التي كانت تحملها.

 يعتقد فريدمان أنّ لطهران أيضاً هدفاً مخفي وهو تخويف حلفاء أميركا العرب من خلال إظهار الضرر الذي يمكن أن تُلحقه إيران بحاميهم الأميركي

3- يحمل كلّ يوم حدثاً منخفض الاحتمال لكن عالي العواقب. ففي كلّ قاعدة أميركية غرفة سرّية للغاية تسمّى مركز التكامل القتالي يحدّق جنود أميركيون شباب في الشاشات داخلها. ويحاولون التعرّف على عدد لا يحصى من الأشياء التي تطير باتّجاههم ويقرّرون من خلال الرادار والتوقّع البصري ما إذا كانوا سيشتبكون مع أحدها. أو يتجاهلون آخر. أو يتركون ثالثاً يمرّ. معتقدين أنّه سيهبط دون ضرر. وحيث، كما ينقل فريدمان عن أحد ضباط القيادة المركزية. “الانضباط مهمّ عندما تطلق صواريخ اعتراضية بقيمة 200 ألف دولار على طائرات إيرانية بدون طيار بقيمة 20 ألف دولار”. وغالباً ما يكون لدى هؤلاء المشغّلين أقلّ من 90 ثانية ليقرّروا ما الذي يتّجه نحوهم ويتّخذوا الإجراءات المضادّة المناسبة.

أطفال داعش

يشير فريدمان إلى سبب إضافي اتّضح له خلال زيارته “معسكر الهول للاعتقال في مكان مجهول في شمال شرق سوريا. حيث يتمّ احتجاز حوالي 43,000 شخص. معظمهم من “عرائس” داعش وأطفالهن. في خيام ومبانٍ جاهزة تحت حراسة أكراد إلى أن يتمّ إلغاء برمجتهن وإعادتهن إلى بلدانهن الأصلية”. فقد كان من الغريب بالنسبة له التحدّث “إلى امرأة أميركية أو بريطانية انجذبت إلى داعش”. وأن يسمع أنّ لديها خمسة أو ستّة أطفال من ثلاثة أو أربعة مقاتلين مختلفين من داعش. جميعهم قُتلوا على يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وتبيّن له انطلاقاً من عدد الحجارة التي ألقاها بعض هؤلاء الأطفال على العربة المدرّعة التي كانت تقلّه أنّ عملية إلغاء البرمجة لا تزال طويلة.

يحذّر فريدمان من أنّه “لا ينبغي لنا أن نتوهّم بشأن المخاطر، لأنّ حرب الظلّ الدائرة هناك قد تخرج من الظلّ في أيّ لحظة”

وإذ يتساءل فريدمان “لماذا البقاء مع كل هذه المخاطر والجروح المفتوحة هنا”، فقد كان توماس فريدمان، كما يقول، يعتقد انه” كان يمكن خلال حقبة ما بعد الحرب الباردة، من أوائل التسعينيات إلى عام 2010، تحقيق المزيد من السياسات التوافقية والتعددية إلى منطقة الشرق الاوسط – بفضل اتفاقيات أوسلو، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، وانتفاضات الربيع العربي والاندماج الأكبر الناتج عن العولمة. ولكن ذلك لم يحدث. وبدلاً من انتشار الديمقراطية، شهدت المنطقة اضطرابات منتشرة ودولاً فاشلة. ولم يعد الانقسام الكبير في العالم بين الديمقراطية والاستبداد، بل بين النظام والفوضى”.

إقرأ أيضاً: فريدمان في رسالة عاجلة من عمّان: إسرائيل تخسر “شرعيّتها العالميّة”

يرى توماس فريدمان أنّ “بقاء القوات الأميركية في شرق سوريا والعراق والبحر الأحمر هو على وجه التحديد لمنع الفوضى “هناك”. بسبب مجموعات من أمثال داعش والدول الفاشلة مثل سوريا وتآكل الدول القومية من قبل الميليشيات التابعة لإيران. من أن تأتي إلى “هنا.” فالعيش في سترة واقية من الرصاص طوال اليوم في بيئة قاسية ومعادية، ليس مهمّة ممتعة أو بطولية، لكن ربّما يستحقّ الأمر ذلك”. لكن يحذّر فريدمان من أنّه “لا ينبغي لنا أن نتوهّم بشأن المخاطر، لأنّ حرب الظلّ الدائرة هناك قد تخرج من الظلّ في أيّ لحظة”.

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

فريدمان: نتنياهو.. زعيم صغير في عصر عظيم؟

الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان مقالة يصف فيها اللحظة الحاليّة بأنّها حاسمة، إذ ستكشف ما “إذا كان نتنياهو الذي قدّم باستمرار مصالحه الشخصية على…

درعا تنتفض والأسد ينهار؟

بعد سنوات من النهاية المفترضة للحرب الأهلية في البلاد، بدأت سيطرة الأسد تتفكّك مرّة أخرى، إذ طفح الكيل بشعب جنوب سوريا، ويبدو أنّ الأزمة تتطوّر…

عندما ابتسمت ميلاني ترامب

“في ميلووكي في الليلة الأخيرة من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، اختارت ميلاني ترامب السيّدة الأولى السابقة عدم التحدّث. ارتدت بدلة حمراء زاهية من ديور، مصمّمة…

فريدمان: بايدن وترامب “روليت روسية بمسدّس محشوّ بالكامل”

في رأي الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان أنّ “المرشّحَين حاليّاً للرئاسة الأميركية جو بايدن ودونالد ترامب غير مؤهّلَين لهذا المنصب: فالأوّل رجل طيّب يعاني…