جو بجاني هو البداية فقط… من التالي؟

2020-12-21

جو بجاني هو البداية فقط… من التالي؟


“يوميات القتل العادي” هو عنوان كتاب للعزيز وضّاح شرارة: عنوان مرعبٌ ومؤلمٌ في آنٍ معاً. فنحن حين نعتاد على القتل، ويصير جزءاً من روتيننا اليوم، نكون قد دخلنا في سبات جمعي لنصير أشبه بدجاجاتٍ  في قفص، تنتظر الواحدة دورها، وحين يأخذ البائع – القاتل رفيقتها، ترفرف قليلاً، ثم تهدأ لأنّها عرفت أنّه قد كتبت لها دقائق أو ساعات إضافية، ليس أكثر.

جو بجاني هو البداية. توقّع كثيرون بدء مسلسل اغتيالات منذ أشهر. وصلت الأمور في لبنان إلى حيطان كثيرة مسدودة، والطرف الأقوى بات مزروكاً جداً، وبمراجعة لتاريخنا الحديث، يتبيّن أنّ آخر دواء “الأقوى” في هذه البقعة، هو العنف، قتلاً كان أو اجتياحاً أو تفجيراً أو تهديداً أو ما شابه.

حين كانت دماء جو تسيل على الأرض، في الكحّالة، والنقاط تنزّ من سيارته المركونة أمام منزله، حيث أطفاله وعائلته، كان مجلس النواب يقرّ قانون مكافحة التحرّش حتى “الشفهي منه”. لم يقف أحد دقيقة صمت على روحه. بعض الجيران الغاضبين أقفلوا الطريق. دقائق وفتحتها القوى الأمنية ليعود السير إلى مساره الطبيعي. مواقع التواصل الاجتماعي لم تتفاعل مع الخبر. الناشطون مشغولون بالدولار الطالبي وبرفع الدعم. لا احد يريد أن يفتح معركة الأمن الآن.

جو بجاني هو البداية. توقّع كثيرون بدء مسلسل اغتيالات منذ أشهر. وصلت الأمور في لبنان إلى حيطان كثيرة مسدودة، والطرف الأقوى بات مزروكاً جداً، وبمراجعة لتاريخنا الحديث، يتبيّن أنّ آخر دواء “الأقوى” في هذه البقعة، هو العنف

إنّها اللحظة المناسبة بالنسبة إلى القاتل. لا أحد سينتبه. لا أحد يريد استرجاع تظاهرات الاعتراض على القتل. ويبدو أن لا أحد يريد أن يسأل: “لماذا قُتِلَ جو بجاني؟”.

في التظاهرات التي كنا نشارك بها، نحن معشر الناشطين المدنيين، منذ العام 2000، كنّا نهتف مع الشيوعيين: “خبز وعلم وحريّة”. وهو ترتيبٌ ظالم. الخبز أوّلاً، ثم العلم، ثم الحريّة. والأمن يأتي في المرتبة الثالثة، تحت خانة الحريّة.

إقرأ أيضاً: من قتل المصوّر العسكري في الكحّالة؟

لم يتعلّم اللبنانيون أنّ الحرية هي الأساس. والأمن مهمته حماية الحرية. ما يحدث هو العكس من يمسك بأمنهم، آمرُ الميليشيا، هو الذي حمى منظومة المافيا، (تحالف “الميم – ميم” هي نظرية الصديق الدكتور صالح المشنوق: المافيا والميلشيا). لا سبيل للتخلّص من المافيا التي أفلستنا وجوّعتنا، قبل وضع حدود للميليشيا. أنظروا إلى العراق. قتلوا عشرات الناشطين، بكواتم الصوت، وأفرغوا الحراك المدني من خيرة قياداته.

قد يصل كاتم الصوت إليكم، أيّها الصامتون.

لا تسكتوا، وإلا سيكون جو بجاني البداية فقط، وأنتم اللاحقون.

 

فيديو اغتيال جو بجاني

[VIDEO]

مواضيع ذات صلة

فتنة غزّة: الجماعة الإسلاميّة و”فقه الأولويّات”..(3/2)

يواصل الحزب جاهداً صناعة صورة “الزعيم” للأمين العام للجماعة الإسلامية محمد طقوش. بداية، من استقبال الأمين العامّ للحزب حسن نصر الله له بعد انتظار لعدّة…

نتنياهو ينافس إيران على “الرّئاسة” الأميركيّة

واجه بنيامين نتنياهو معارضيه في الداخل من واشنطن، من خلال استعراض مهاراته بمخاطبة العقل الأميركي في كلمته أمام الكونغرس الأربعاء. لذلك تعرّض خطابه للانتقاد والسخرية…

الخطاب الرّابع… بداية سقوط المدلّل

للمرّة الرابعة يقف مدلّل الكونغرس بنيامين نتنياهو خطيباً في القاعة الرئيسية ومن على المنبر الأعلى. ونظراً ليقين الـ “Congressman” بأنّ المدلّل يعاني في إسرائيل من…

تذاكي “بيبي”… وسذاجة الكونغرس

يكشف الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتانياهو في الكونغرس، بين ما يكشف، لعبة التذاكي التي يمارسها رئيس الحكومة الإسرائيلية في مواجهة سياسيين أميركيين…