دراسة “واشنطن بوست”: هذه أفضل الطرق لمواجهة كورونا

مدة القراءة 5 د

 

وجد العلماء في الولايات المتحدة أن معدل انتشار الكورونا فيها، منذ اكتشاف أول حالة، بدأ ببطء، لكنه تسارع بقوة حتى أضحى بعد شهرين في صعود ثابت. وهو ما يسمى في علم الرياضيات بـالمنحى الأُسّي، أي أن التصاعد يكون عبر متوالية هندسية، ما أخاف الخبراء. فإذا ما تضاعف عدد المصابين كل ثلاثة أيام، فسيصبح العدد الإجمالي في الولايات المتحدة 100 مليون شخص بحلول شهر أيار.

 

رسم بياني للإصابات في الولايات المتحدة

هذه رياضيات لا نبوءة. فقد يتباطؤ الانتشار، كما يقول الخبراء في مجال الصحة، إذا ما التزم الناس تجنّب المساحات العامة، وقيّدوا تحركاتهم أو ما يسمى بـ “social distancing”. أما إن لم يتخذ أي إجراء لإبطاء انتشاره، فسيظل في تصاعد وفق متوالية هندسية لأشهر.

[VIDEO1]

[VIDEO2]

في تقرير أعدّته الواشنطن بوست، فُحصت أربعة نماذج من المحاكاة لانتشار فيروس افتراضي أسماه سيموليتيس simulitis . فلدى أي اتصال بين المصاب بهذا الفيروس وفرد آخر، يتنقل المرض إليه. وإذا كان الفيروس موجوداً داخل جماعة من خمسة أفراد، فلن يلبث أن يُصيب الجميع. وفي الحياة الواقعية، يُشفى المصاب. والذي تشافى لا ينقل العدوى إلى غيره، ولا يُصاب مرة أخرى.

إقرأ أيضاً: خبراء يجيبون “أساس” عن أسئلة “الطوارئ” والمجاعة

الحالة الأولى (التجمع العام الحر): إن راقبنا سرعة انتشار الفيروس المفترض في بلدة مأهولة من 200 شخص بحيث يكون موضع كل فرد في البلدة عشوائياً ويتحرك باتجاه عشوائي كذلك، فسنلاحظ كيف يتسارع عدد المصابين إلى أن يصل رقمهم 135 مثلاً، قبل أن يُشفى أول مصاب. هذه المحاكاة تتم في بلدة صغيرة توازي حجم بلدة ويتيير Whittier في ألاسكا، لذلك كان الفيروس قادراً على الانتشار بسرعة وإصابة كل الأفراد. لكن لو طُبقت الحالة على الولايات المتحدة التي يقدر عدد السكان فيها بـ330 مليون نسمة، فسيظل المنحى متصاعداً لفترة طويلة قبل أن يبدأ بالانحدار. لكن في حالة فيروس الكورونا covid-19، فمن المستحسن إبطاء الانتشار قبل أن يصيب عدداً كبيراً من سكان الولايات المتحدة.

 

[VIDEO3]

 

الحالة الثانية (الحجر الإلزامي): من أجل إبطاء الفيروس المفترض، أي السيموليتيس، فلنجرب الحجر الإلزامي، كما فعلت الحكومة الصينية في إقليم هوباي Hubei، حيث تكمن البؤرة. لكن التجربة أثبتت كما توقع الخبراء أنه من المستحيل فصل المصابين عن الأصحاء في المنطقة المغلقة على نحوٍ كامل، فلا يمكن إبعاد الأفراد عن عائلاتهم، وهناك من يعمل بعيداً عن عائلته وعن وطنه وفي بلدان مجاورة، وكيف ستصل الإمدادات إلى السكان المحاصرين. وعليه، كما يقول البرفسور في قانون الصحة العالمية في جامعة جورج تاون لورنس غوستين: “فإن هذا الحجر نادر جداً وغير فعّال أبداً”.

سيكون انتشار الفيروس أبطأ، في حالة الحجر الإلزامي من حالة التجمع العام الحر، لكن سيصل عدد المصابين إلى 70 من أصل 200، قبل أن يُشفى أول مصاب، أي سيكون عدد الإصابات كبيراً وبأسرع من حالات الشفاء.

[VIDEO4]

الحالة الثالثة (التباعد الجزئي): يشجع مسؤولو الصحة على تجنّب الأفراد التجمعات العامة، ويشجعون الناس على البقاء في المنازل غالباً، والابتعاد بمسافة معينة عن الآخرين. فإذا قلّت حركة الناس، وتراجع تواصلهم بين بعضهم بعضاً، تضاءلت احتمالات العدوى، وانخفض معدل انتشار الفيروس. وفي هذه الحالة، سيخرج أفراد لقضاء حوائجهم، أو العمل خارج المنزل، أو ربما يرفضون الانصياع للتعليمات. وعليه، إن بقي ربع السكان يتحركون بحرية، فستكون النتيجة بحسب المحاكاة الافتراضية، أن سرعة العدوى تكون أبطأ، وأن حالات الشفاء تكون متوازية إلى حدٍّ ما، ففي وقت ما يصبح عدد المصابين 68 مقابل 68 حالة شفاء تقريباً، قبل أن يضمحل المرض، مع احتمال بقاء 64 فرداً دون أن يصيبهم المرض أصلاً.

[VIDEO5]

وفي الحالة الرابعة (التباعد الصارم)، وفيها يُسمح لواحد من كل ثمانية أفراد بالتحرك، وفق إجراءات أشد من التباعد الاجتماعي، وحظر كل أماكن التجمهر. وعليه، نلاحظ في هذه المحاكاة الافتراضية، أن العدوى تكون أبطأ بكثير، وأن معظم العينة النموذجية لا تتعرض للإصابة، أي 148 فرداً وأن من تماثل إلى الشفاء يتوازى تقريباً مع عدد من يتعرض للإصابة، 32 مصاباً مقابل 20 شافياً، خلال فترة زمنية مماثلة في كل الحالات المدروسة.

[VIDEO6]

إن السيموليتيس ليس هو الكورونا. وهذه المحاكاة تبسط تعقيدات الحياة الواقعية إلى حد كبير. وكما ينتشر الفيروس الافتراضي في المحاكاة ينتشر فيروس الكورونا المستجد، في الشبكات البشرية، من خلال البلدان والمدن والبلدات، وفي أماكن العمل وبين الأسر. وكما هي المحاكاة، فإن سلوك أي فرد مصاب، يؤثر في المجموع ككل.

مع ذلك، هذه المحاكاة لا توازي الواقع، لأن الكورونا قاتل، ولا ندري نسبة الموت بسببه على وجه الدقة، لكنه من الواضح أن كبار السن أكبر من يتعرضون للموت.

ولو أعدنا النظر في هذه النماذج الأربعة، فسنجد أن النتائج ستختلف في كل مرة. ولوجدنا أن حالة التباعد المعتدل أفضل من الحجر الإلزامي، وأن التباعد الاجتماعي الأقصى هو أفضل الحالات لمواجهة الكورونا.

 

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…