الشّيعة ينتفضون في “عربستان”: العروبة أوّلاً

2021-07-27

الشّيعة ينتفضون في “عربستان”: العروبة أوّلاً

عربستان تنتفض لعطشها، ومن خلف العطش للكرامة العربيّة، غير آبهةٍ بالرّصاص وزبانية الباسيج والباسدران وعسس أجهزة السّافاك الإيرانيّة.

ينتفض سكّان الأرض العربيّة المُحتلّة المنسيّة، على مياه الخليج العربي، جنوب غرب إيران، التي غيّر اسمها شاه إيران رضا بهلوي إلى “خوزستان” سنة 1925، في وجه سياسة “التعطيش المُتعمَّد” بعدما عانت لسنوات من التمييز ومحاولة إلغاء الهويّة.

الشّيعة العرب في إيران يُعانون صعوبة في دخول الجامعات الإيرانية، إذ يُجبرون على إجراء امتحانات الدّخول باللغة الفارسيّة، وهذا ما سبّبَ تدنّي مستوى التعليم في مقاطعتهم

قبل الغوص في تفاصيل الانتفاضة العربيّة في إيران اليوم، لا بدّ من العودة الموجزة إلى التّاريخ. فمن سطوره يعرف المُتابع ما الذي يُعانيه المواطنون العرب في عربستان.

في العودة إلى سنة 654 ميلاديّة، انهارت الإمبراطوريّة الفارسيّة السّاسانيّة على أيدي مُقاتلي الجيش الجديد القادمِ من جزيرة العرب في عهد الخليفة عمر بن الخطّاب، إيذاناً بالفتح الإسلاميّ لبلاد فارس. ومنذ ذلك الحين، ظهرت العقدة الفارسيّة تجاه انهيار الأمجاد التّاريخيّة في معارك القادسيّة ونهاوند والجسر وغيرها.

لا تُسمّي كتب التّاريخ الفارسيّة أحداث سنة 654 بـ”الفتح الإسلاميّ”، بل بالفتح “العربيّ”. وبعد سقوط إمبراطوريّة الفُرس، تجلّت أولى محاولات الانتقام باغتيال الخليفة عمر بن الخطّاب على يدِ “فيروز النهاونديّ” المعروف بـ”أبي لؤلؤة المجوسيّ”.

ومع تهاوي دولة بني أميّة، خرجَت أوّل محاولة فارسيّة كبرى للانتقام من العرب وإعادة الأمجاد الغابرة للإمبراطوريّة مع خروج أحد أحفاد آخر أكاسرة الفرس، يزدجرد الثالث أبي مُسلم الخراسانيّ، إلى جانب “العبّاسيين”، ثمّ محاولته إنشاء دولةٍ للفرس في خراسان. ولم تدُم محاولة الخراسانيّ طويلاً بعدما اكتشف الخليفة “أبو جعفر المنصور” نواياه وقضى عليه.

بعد فشل العمل المُسلّح، انتقل الفرس إلى سياسة التّغلغل في القصور العبّاسيّة. واستطاعوا عبر البرامكة أن يُنشئوا “دولة عميقة” في عهد الخليفة العبّاسيّ هارون الرّشيد بقيادة وزيره يحيى البرمكيّ وابنيه الفضل البرمكيّ أخ الرّشيد في الرّضاعة والموكَل بتربية ابنه الأمين، وجعفر البرمكيّ خليل الرّشيد وواليه على خراسان ومصر والشّام والموكل بتربية ابنه المأمون.

خلال الأيّام الماضية، فقد عشرات العرب أرواحهم برصاص الباسيج والميليشيات من أدوات النّظام الإيرانيّ خلال انتفاضة “العطش”. وأفادَ ناشطون باختفاء العشرات الذين أُسِروا في سجون الملالي، وكلّ ذنبهم أنّهم عرب

لم تدُم سياسة الدّولة الفارسيّة العميقة كثيراً. ففي ليلة واحدة ألقى الرّشيد القبضَ على البرامكة، وهدم كلّ ما أسّسوه، إلّا أنّه ترك الفضل السّرخسيّ سليل يزدجرد الثالث الذي لازم المأمون بن هارون الرّشيد، وكان السّبب في القتال بين المأمون وأخيه الأمين بعد وفاة هارون الرّشيد.

هذا السّرد الموجز، وغيره الكثير من سطور التّاريخ الباقية إلى زماننا، تحكي لنا ما يكنّه الفرس تجاه العرب.

أمّا اليوم فالعطش الذي يُعانيه مواطنو عربستان المُحتلّة، ليس فقط “عقاب دولة لمُقاطعة مُنتفِضة”، بل هو حصارٌ بدأ زمان الشّاه رضا بهلويّ الذي امتهَنَ قمع العرب وهويّتهم. واليوم ينتفضُ أهالي عربستان الشّيعة بوجه نظام الملالي في إيران الذي يُعامِل الشّيعة العرب مُعاملة مواطني الدّرجة السّفلى. وإن أعلنَ المذهب الشّيعي الاثني عشري مذهباً رسميّاً للدّولة. فالشّيعة العرب في إيران يُعانون صعوبة في دخول الجامعات الإيرانية، إذ يُجبرون على إجراء امتحانات الدّخول باللغة الفارسيّة، وهذا ما سبّبَ تدنّي مستوى التعليم في مقاطعتهم.

ويعاني مواطنو عربستان من التمييز في فرص العمل والرُتَب الوظيفية والرواتب مقارنة بنظرائهم من غير العرب، فرساً وآذاريين وأكراداً وأرمناً وتركماناً وغيرهم.

علاوة على ما سلف، اتّبعت السلطات الإيرانيّة سياسة “تفريس الإقليم” عبر استقدام آلاف العائلات من المزارعين الفرس إلى الإقليم منذ سنة 1928. وأدّى اكتشاف النفط في الإقليم سنة 1908 إلى جذب مئات آلاف الفرس إلى عربستان، مساهماً أيضاً في تغيير التركيبة السُّكانية.

بالإضافة إلى التمييز والتعطيش، فقد ساهمَت المشانق الإيرانيّة بين نظاميْ الشّاه والخمينيّ بسفك دماء الآلاف من العرب الذين طالبوا بحقّهم في حكم أرضهم المُحتلّة. وخلال الأيّام الماضية، فقد عشرات العرب أرواحهم برصاص الباسيج والميليشيات من أدوات النّظام الإيرانيّ خلال انتفاضة “العطش”. وأفادَ ناشطون باختفاء العشرات الذين أُسِروا في سجون الملالي، وكلّ ذنبهم أنّهم عرب.

إقرأ أيضاً: إيران مفلسة… وإسرائيل تستكمل “الضغوط القصوى”

ما يثير السّخريّة أنّ إيران، التي أنشأت فيلق “القدس” بزعمِ تحرير القدس العربيّة من الاحتلال الإسرائيليّ، هي نفسها تحتلُّ أرضاً عربيّة من 65 ألف كلم مربعاً، تُرسِل إليها “فيلقها المُقدّس”

لسفكِ دماء سكّانها العربِ كلّما طالبوا بالحريّة واسترداد أرضهم المُغتصَبة والتّمسّك بعروبتهم في زمنٍ صارَ المُتمسّك بها كالقابض على الجمر…

مواضيع ذات صلة

الخماسية متفائلة: هل يُنتج رئيس بالوقت الضائع؟

يؤكّد أحد السفراء البارزين في اللجنة الخماسية أمام ضيوفه أنّه متفائل بإمكانية إحداث خرق كبير على صعيد الانتخابات الرئاسية في الأسابيع القليلة المقبلة، عبر إنجاز…

لبنان: لا حلول سياسيّة وتحذيرات أمميّة بتوسّع الحرب..

‏تقاطعت مؤشّرات عدّة في الأيام الأخيرة متّصلة بشكل مباشر بالجبهة اللبنانية. في بكين، كانت المصالحة الفلسطينية تتمّ، وهي الأولى من نوعها بعد 7 أكتوبر الماضي،…

هدنة في غزّة ولا هدنة في بيروت

نشر موقع “أكسيوس” كلاماً منسوباً إلى حماس في داخل غزة تتوجّه به إلى حماس الخارج قائلة إنّ وضعها الميداني على الأرض سيّئ جداً. بعد هذا…

مجلس الوزراء يعيّن مجدّداً اللواء عودة… باقتراح من وزير الدّفاع؟

يحرص النائب السابق وليد جنبلاط على “الصيانة الدورية” لتموضعه الأخير إلى جانب خطّ المقاومة مع “صديقه” الرئيس نبيه بري. في جلسة يوم الأحد غاص الطرفان…