بوتين – بايدن: موعد في جنيف… من القرن 18 (1/2)

2021-06-14

بوتين – بايدن: موعد في جنيف… من القرن 18 (1/2)

في قصر تاريخيّ كبير بُني في القرن الثامن عشر، يقع في حديقة “فيلا لاغرانج” Villa la Grange))، ويطلّ على بحيرة في المدينة السويسرية، سيلتقي الرئيسان الأميركي والروسي في 16 حزيران الجاري.

للقصر دلالة كبيرة، ولمدينة جنيف دلالة أكبر. القصر بدايةً يتمتّع بخصوصية أمنية كبيرة. وقد سكنته عائلات جنيف المرموقة، واستقبل ضيوفاً مهمّين على مرّ التاريخ، من بينهم إليانور روزفلت. لكنّها ستكون المرّة الأولى التي تستضيف لقاءً بين شخصيّتين بهذا الحجم.

أما جنيف، فهي “عاصمة السلام الدولية” منذ 150 عاماً تقريباً. ففي عام 1863 أنشأ السويسريّان جان هنري دونانت وهنري دوفور “المنظمة الدولية لإغاثة الجرحى” إثر معركة “سولفرينو”، وتحوّلت إلى “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال في 9 حزيران إنّ بلاده ليس لديها “توقّعات مفرطة” بحدوث انفراجة مفاجئة بعد القمّة. في حين قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في 8 حزيران: “لا أستطيع أن أقول ما إذا كنت متفائلاً أو لا في شأن النتائج

وسرعان ما صارت المدينة عاصمة للحياد الدولي. فاستضافت في 1872 “تحكيم ألاباما” الشهير بين الولايات المتحدة وإنجلترا. ثمّ تكرّس موقعها في 1920 مع إنشاء “عصبة الأمم”، على أنقاض الحرب العالمية الأولى. وصارت لاحقاً “الأمم المتحدة”. وفي هذه العاصمة وقّعت اتفاقات جنيف لإنهاء حرب الهند الصينية في 1954.

وفي عزّ الحرب الباردة، استضافت جنيف قبل 36 عاماً قمّة الرئيسين الأميركي رونالد ريغان وآخر الزعماء السوفيات ميخائيل غورباتشوف في 1985. وكانت فاتحة تعاون بين البلدين، قبل أن يتفكّك الاتحاد السوفياتي.

كلّ هذا التفصيل يعكس “التاريخ” الذي سيلقي بظلاله على اللقاء. فالرئيس جو بايدن يأتي إلى المسرح الدولي حاملاً راية التهدئة في كلّ الجبهات. وموسكو فلاديمير بوتين متعبة ومرهقة بين سوريا وأوكرانيا والجمهوريات القلقة في محيطها. ولهذا لا يرفع الطرفان سقف التوقعات.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال في 9 حزيران إنّ بلاده ليس لديها “توقّعات مفرطة” بحدوث انفراجة مفاجئة بعد القمّة. في حين قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في 8 حزيران: “لا أستطيع أن أقول ما إذا كنت متفائلاً أو لا في شأن النتائج (…) لا أعتقد أنّنا سنعرف ذلك بعد اجتماع واحد، لكن ستكون لدينا بعض المؤشّرات (…) نحن مستعدّون في كلتا الحالين”. وصرّح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان: “لا نفكّر في القمم الأميركية الروسية من حيث الإنجازات. نحن نفكّر في الأمر على أنّه فرصة للتعبير عن نوايانا وقدراتنا”.

وأوضح بلينكن أنّ بايدن سيجتمع مع بوتين “بسبب” الهجمات الإلكترونية، التي عطّلت إمدادات اللحوم والغاز الأميركية، لا “على الرغم منها”. وأفصح لـcnn أنّ بلاده ترغب في “التعاون مع بوتين في أمور مثل الحرب المستمرّة في أفغانستان”. وهو ناقش مع لافروف، خلال اجتماعهما التحضيري للقمّة في آيسلندا، المخاوف من البرامج النووية في إيران وكوريا الشمالية.

جنيف، في القصر التاريخي، وأمام البحيرة العتيقة، ستسضيف قطبين يتصارعان على حلبة العالم، من القرم إلى سوريا ولبنان. بايدن يسعى إلى الهدوء، وبوتين مرهق عسكرياً ومالياً

عالِم السياسة السويسري الأميركي دانيال فارنر (Daniel Warner) لفت إلى أنّ التوصّل إلى اتفاقٍ جادٍّ بشأن تغيّر المناخ سيعدّ إنجازاً كبيراً. وتوقّع مناقشة حَشد روسيا قوّاتها (100 ألف جندي) على الحدود الشرقية لأوكرانيا، وسيطرتها على شبه جزيرة القرم، وتدخّلها في سَير ونتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، والاختراق الإلكتروني الروسي لشركة “سولار ويندس”، ووَضْع المُعارض الروسي السجين أليكسي نافالني، واعتراض روسيا البيضاء (بيلاروسيا) طائرة مدنية بهدف اعتقال صحافي معارض كان على متنها، بالإضافة إلى الادّعاء الأميركي أنّ روسيا رَصدت مكافآت لقتل جنود أميركيين في أفغانستان. ومن المُحتَمَل أن تشمل أيضاً هذه القائمة الطويلة دورَ روسيا في سوريا، أو الدَعم النهائي لِحَلّ المعضلة الفلسطينية الإسرائيلية، بحسب فارنر.

أما وكالة الصحافة الفرنسية فتقاطعت مع cnn في توقّع بحث التوتّرات الديبلوماسية بين البلدين ومنها استدعاء السفير الروسي لدى الولايات المتحدة قبل ثلاثة أشهر بعدما وصف بايدن بوتين بـ”القاتل”. وحينها نصحت موسكو السفير الأميركي لديها بالعودة إلى واشنطن قبل نحو شهرين. ويتوقّع المراقبون أن تكون النتيجة الأولى هي عودة السفيرين، وبحث مصير السجناء الروس داخل الولايات المتحدة، والسجناء الأميركيين في روسيا.

عندما يسافر رئيس الولايات المتحدة إلى الخارج، يصطحب معه ألف مرافق. ليس أقلّ الإجراءات إعداد طائرات لتكون جاهزة للإقلاع في مطار قريب غير المطار الأساسي، لإجلاء الرئيس إذا تعذّر الوصول إلى طائراته أو إذا تعطّلت. وحتّى طعامه يحضره فريق رئاسي من واشنطن. وإذا توجّب على الرئيس أثناء الرحلة أن يأكل شيئاً يقدّمه له مضيفه، يتذوّق فرد من الجيش الطعام أوّلاً.

أمّا بوتين فيصطحب مئاتٍ أقلّ. وغالباً ما يسافر ليوم واحد، تاركاً روسيا في الصباح للعودة إليها في المساء. وعلى رأس وفده سيكون هناك وزير خارجيّته ونواب ووزراء آخرين. ويخطّط الرئيس الروسي للتنقّل في المدينة بواسطة سيارة “ليموزين أوروس” روسيّة الصنع.

إقرأ أيضاً: بوتين – بايدن: هل تمنع “الصدفة النووية”؟

الأهمّ أنّ جنيف، في القصر التاريخي، وأمام البحيرة العتيقة، ستسضيف قطبين يتصارعان على حلبة العالم، من القرم إلى سوريا ولبنان. بايدن يسعى إلى الهدوء، وبوتين مرهق عسكرياً ومالياً.

فهل يكون سحر جنيف الحيادي، وإرثها التهدوي، باباً لمرحلة جديدة بين البلدين، وحول العالم؟

 

في الحلقة الثانية غداً:

الملفّ السوري في القمّة… ماذا عن لبنان؟

مواضيع ذات صلة

الخماسية متفائلة: هل يُنتج رئيس بالوقت الضائع؟

يؤكّد أحد السفراء البارزين في اللجنة الخماسية أمام ضيوفه أنّه متفائل بإمكانية إحداث خرق كبير على صعيد الانتخابات الرئاسية في الأسابيع القليلة المقبلة، عبر إنجاز…

لبنان: لا حلول سياسيّة وتحذيرات أمميّة بتوسّع الحرب..

‏تقاطعت مؤشّرات عدّة في الأيام الأخيرة متّصلة بشكل مباشر بالجبهة اللبنانية. في بكين، كانت المصالحة الفلسطينية تتمّ، وهي الأولى من نوعها بعد 7 أكتوبر الماضي،…

هدنة في غزّة ولا هدنة في بيروت

نشر موقع “أكسيوس” كلاماً منسوباً إلى حماس في داخل غزة تتوجّه به إلى حماس الخارج قائلة إنّ وضعها الميداني على الأرض سيّئ جداً. بعد هذا…

مجلس الوزراء يعيّن مجدّداً اللواء عودة… باقتراح من وزير الدّفاع؟

يحرص النائب السابق وليد جنبلاط على “الصيانة الدورية” لتموضعه الأخير إلى جانب خطّ المقاومة مع “صديقه” الرئيس نبيه بري. في جلسة يوم الأحد غاص الطرفان…