نريد حماية دولية…

الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشُجعان …

هو أَوَّلٌ، وهيَ المَحلُّ الثاني

أبو الطيب المتنبّي

 

منذ سنوات نتحسّس رقابنا.

نتحسّس رقابنا ونحن نخرج من منازلنا الأبيّة، الشجاعة، التي لا تخاف كاتم الصوت، ونتجوّل في لبنان، نزور قرانا في الجنوب والبقاع، ندخل إلى أقربائنا في الضاحية الجنوبية، ونحضن أطفالنا في بيوتنا، ونقرأ ونشاهد الأفلام ونكتب ونضحك ونسهر ونشرب ونأكل.. نعيش باختصار، لأنّ الحياة تليق بنا، قبل أن يقرّر الأوغاد أن يقتلونا بكواتم الصوت.

نتحسّس رقابنا نحن الذين ما تعاملنا مع العدوّ يوماً، ولا حملنا السلاح ولا ألّفنا العصابات. ولا رغبنا أن نواجه القاتل بالسلاح.

لكنّ ما يؤلم أنّ العالم كلّه تخلّى عنّا. العرب تركونا نسبح في دماء لقمان. وأوروبا تهرول لعقد صفقات لا أخلاقية مع قاتل مجرم. والولايات المتحدة بإدارة جو بايدن تريد تسوية مع قاطعي الرؤوس في بلادنا. تريد تأمين مصالحها، وأن تتركنا بين أنياب السفّاح.

نتحسّس رقابنا ونحن نخرج من منازلنا الأبيّة، الشجاعة، التي لا تخاف كاتم الصوت، ونتجوّل في لبنان، نزور قرانا في الجنوب والبقاع، ندخل إلى أقربائنا في الضاحية الجنوبية، ونحضن أطفالنا في بيوتنا، ونقرأ ونشاهد الأفلام ونكتب ونضحك ونسهر ونشرب ونأكل

فقط لأنّنا لا نريد أن نركع للأصنام والتماثيل. فقط لأنّنا رضعنا حليب الحريّة من أجدادنا ومن آبائنا، البيولوجيين والمعرفيين، من الحسين بن علي إلى غيفارا إلى عبد الكريم الخليل… إلى سمير قصير ورفيق الحريري، من جورج حاوي وحسين مروّة، من مهدي عامل وأحمد قصير، من سهى بشارة وسناء محيدلي، من هاشم السلمان وجبران تويني… إلى آخره.

فقط لأنّنا نريد أن نكتب، أن نقول “لا” في زمن عودة جمال باشا السفّاح، بعد 100 عام من مجازره. السفّاح الذي يقتل من يشاء بغير حساب، ويفتح القبور على مصراعيها، لينزل إليها خيرة الرجال وأصحاب الرأي، ويقطع الألسن، ويعلي حبال المشانق فوق حناجر رفاق ابراهيم قاشوش…

لقد وصل إلينا جمال باشا السفّاح من العراق حيث يقتل الناشطين كلّ يوم، بعد سوريا التي قتل شعبها وهجّر أهلها وقطّع حناجر شجعانها. وصل السفّاح إلينا، بعدما توقف عن القتل في لبنان قبل 8 سنوات، مع محمد شطح. ربما تفرّغ يومها لسوريا، والآن عاد مع ساطوره ليقطع الرؤوس التي أينعت.

لكنّ ما يؤلم أنّ العالم كلّه تخلّى عنّا. العرب تركونا نسبح في دماء لقمان. وأوروبا تهرول لعقد صفقات لا أخلاقية مع قاتل مجرم. والولايات المتحدة بإدارة جو بايدن تريد تسوية مع قاطعي الرؤوس في بلادنا. تريد تأمين مصالحها، وأن تتركنا بين أنياب السفّاح

وصل السفّاح، حاملاً بشارة الموت والقتل. فانتظروا التفجيرات، وانتظروا المزيد من الاغتيالات. ولمن ظنّوا أنّه يمكن الثورة ضدّ المافيا، مع تحييد الميليشيا، ها هي الميليشيا قد جاءتكم بالسواطير. وستقطّع حناجركم.

سنسبح في الكثير من الدماء. وأوروبا لن تلتفت. العرب مصرّون على معاقبة اللبنانيين بدلاً من احتضان أحرارهم. أميركا تريدنا مقاتلين بلا أسلحة. والقاتل يريدنا صناديق بريد وأكياس ملاكمة. كلّما أكل صفعةً في سوريا أو العراق أو اليمن، يضربنا نحن هنا ويقتلنا ويحاصرنا ويطلب منّا أن نتحسّس رقابنا.

إقرأ أيضاً: ولماذا ينفي “الحزب” قتل لقمان؟

كلنا نعرف القاتل. وهو يعرف أنّنا نعرف. من حسين مروّة إلى هاشم السلمان ولقمان سليم، كاتم الصوت واحد. لا ضرورة للنقاش. لا ضرورة حتّى لملفّ قضائي. المطلوب اليوم أن نكشف ما يريده القاتل. فهو لا يريد الثأر. لم يقتل مرّة ثأراً. هو يبعث رسائل متعدّدة. وسيكمل مسلسل القتل. سيستهدف المواجهين لحزب الله. سيقتل المزيد من المدنيين والأبرياء وأصحاب الرأي.

المعركة بدأت. نحن في لبنان، المعارضون الشيعة تحديداً، خطّ الدفاع الأوّل عن العروبة والعرب أمام جحافل التخلّف الديني والسياسي. واسمعوا جيّداً أيّها العرب وأيّها الأوروبيين والأميركيين. نحن السابقون، وأنتم اللاحقون.

مواضيع ذات صلة

إسرائيل… من التفوق إلى الجنون

دعونا نبدأ الحكاية من حزيران 1967، مع أن ما قبلها كان يشبهها، حيث عقدة التفوّق والقدرة العسكرية، استحكمت في نفوس الإسرائيليين وعقولهم لدرجة اليقين بأنهم…

هل يعرف لبنان كيف يخسر؟

لا يزال في استطاعة لبنان تفادي مواجهة واسعة مع إسرائيل ستكون بمنزلة كارثة عليه. لا فائدة من المكابرة التي يمارسها الحزب ما دامت توجد خطوط…

الرّدّ الإيرانيّ: الاستثناء في ظلال البرنامج النّوويّ

أطلقت إيران صواريخها ضدّ إسرائيل، ليل الثلاثاء، بعد اندلاع جدل داخلي، كثيره كان مكتوماً. أفرجت التصريحات العلنية عن تراشق في المواقف، منها ما حمّل الرئيس…

هل تعتمد إيران خطبة الجهاد؟

لطالما عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رغبته في تدمير المشروع النووي الإيراني وإخراج طهران من المعادلة الإقليمية كمنافس لها في الإقليم. كانت تل…