بايدن في أول 100 يوم: تشدّد مع روسيا والصين ومرونة مع إيران (1/2)

مدة القراءة 7 د

بقلم روبي غرامر Robbie Gramer وآمي ماكينون Amy Mackinnon وجاك ديتش Jack Detsch وكريستينا لو Christina Lu

(Foreign Policy)

 

خلال أوّل 100 يوم له في منصبه، أصدر الرئيس الأميركي (السابق) دونالد ترامب أوامر تنفيذية شاملة تهدف إلى عكس العناصر الرئيسية لإرث الرئيس السابق باراك أوباما وتفكيكها، ودفع برنامج “أميركا أوّلاً” قُدُماً، ما أقلق عقوداً من الإجماع بين الحزبين في مجال السياسة الخارجية.

والآن، بدأ التراجع عن تراجعات ترامب. إذ تعهّد الرئيس جو بايدن بتفكيك السياسات الرئيسية لعهد ترامب من أجل التعامل مع مجموعة هائلة من التهديدات الجديدة للأمن القومي، من وباء الفيروس التاجي إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، فإيران التي تقترب من إنتاج سلاح نووي.

وفي الوقت ذاته، سيتعيّن على بايدن أن يواجه اضطرابات سياسية في أعقاب أعمال العنف التي اجتاحت مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني، وأدّت إلى بدء إجراءات العزل الثاني لترامب في الأيام القليلة قبل انتهاء منصبه، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع الأجندة التشريعية لبايدن التي كان يأمل مستشارو الرئيس في المبادرة إليها بقوة منذ اليوم الأول. “الاستراتيجية هي: الذهاب بسرعة، أن تكون جريئاً”، وقال مستشار الأمن القومي القادم جيك سوليفان Jake Sullivan للصحافي في مجلة نيويوركر New Yorker  إيفان أوسنوس Evan Osnos في أثناء تحضير كتابه عن بايدن عام 2020: “إنه لا يفكر في إطار زمني مدته سنتان، إنه يفكر في إطار زمني مدته بضعة أشهر”.

وقال مسؤولون وخبراء أميركيون كبار سابقون إنّ اجتماع تهديدات الأمن القومي والسياسات الحزبية المنقسمة بمرارة في الداخل، يشكّل تحدياً رهيباً للإدارة المقبلة. وبحسب تشاك هاغل Chuck Hagel، الذي كان وزيراً للدفاع خلال إدارة أوباما، وزميلاً لبايدن في مجلس الشيوخ لمدة 12 عاماً: “عليك أولاً أن تفهم، وتقّدر أننا نعيش في أوقات غير مسبوقة. لم نكن في هذا الوضع من قبل، لا محلياً ولا دولياً. وما عليه القيام به يمتدّ إلى ما بعد المائة يوم الأولى. عليه أن يتحرّك فوراً لإعادة البناء، واستعادة حلفائنا، وطمأنتهم إلى أنّ أميركا عادت إلى اللعبة كي تقود”.

تعهّد الرئيس جو بايدن بتفكيك السياسات الرئيسية لعهد ترامب من أجل التعامل مع مجموعة هائلة من التهديدات الجديدة للأمن القومي، من وباء الفيروس التاجي إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، فإيران التي تقترب من إنتاج سلاح نووي

وقالت سارة مارغون Sarah Margon، مديرة السياسة الخارجية في جمعية المجتمع المفتوح-الولايات المتحدة  :Open Society-U.S”في حين أنّ الجميع يتحدّث عن عودة الانخراط في العالم، فإننا ننظر في الواقع إلى لحظة يمكن فيها لإدارة بايدن أن تعيد تصوّر ما تعنيه السياسة الخارجية الأميركية. إنه ليس مجرّد الانطلاق من النقطة التي وقفت عندها إدارة أوباما”.

 

توقّعات السياسة الخارجية

ما يمكن توقّعه عندما يبدأ بايدن ونائبته كامالا هاريس Kamala Harris في تنفيذ أجندة السياسة الخارجية الخاصة بهما، فهو على الشكل التالي:

 

كلّ شيء عن الصين: من المتوقع أن يستمرّ نهج ترامب المتشدّد تجاه الصين في عهد بايدن، وإن كان ذلك بعدائية أقل وتنسيق أكثر مع الحلفاء. وقد تكون إحدى نقاط الاشتعال المحتملة المبكرة، هي ردّ بكين على قرار إدارة ترامب رفع القيود الأميركية المفروضة ذاتياً منذ مدة طويلة على الاتصال بين المسؤولين الأميركيين ونظرائهم في تايوان التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها. وسيكون التحدّي المبكر الآخر، هو كيفية الردّ على حملة القمع المتزايدة لحقوق الإنسان في هونغ كونغ، حيث اعتُقل العشرات من نواب المعارضة ونشطائها هذا الشهر.

وسيرث بايدن الحرب التجارية التي شنّها ترامب على الصين، لكنهّ قال لصحيفة نيويورك تايمز في كانون الأول إنّه لن يقوم بأيّ خطوات فورية لرفع التعريفات الجمركية. وفي حين كان ترامب مشغولاً بالعجز التجاري مع الصين، تحدّث بايدن كما كتب بإسهاب عن “سياسة خارجية من أجل الطبقة المتوسطة (الأميركية)”، من أجل حماية الوظائف والصناعة في الولايات المتحدة من تبعات سرقة الملكية الفكرية.

من المتوقع أن يستمرّ نهج ترامب المتشدّد تجاه الصين في عهد بايدن، وإن كان ذلك بعدائية أقل وتنسيق أكثر مع الحلفاء

لكنّ بعض المسؤولين الأميركيين السابقين يشعرون بالقلق من أنّ أعمال العنف في مبنى الكابيتول وتنصيب بايدن في ظلّ التهديدات الأمنية التي تلوح في الأفق في واشنطن، سوف تترك وصمة عار دائمة على سمعة أميركا مع الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، مما يضع الإدارة القادمة مرة أخرى في خطّ المنافسة مع الصين.

 

لا إعادة نظر في العلاقة مع روسيا: على الرغم من تقارب ترامب غير المبرّر مع نظيره الروسي، إلا أنّ إدارته أرست سياسات متشدّدة تهدف إلى عزل موسكو وتوسيع العقوبات الاقتصادية بسبب أدوارها في التدخل في الانتخابات الأميركية، وحملات التضليل، والحرب الجارية في أوكرانيا. ومن المتوقّع أن يستمرّ بايدن في التمسك بخط ثابت مع موسكو مع استلام خبراء في الشأن الروسي مناصب رئيسية في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي مثل فيكتوريا نولاند Victoria Nuland وأندريا كيندال تايلور Andrea Kendall-Taylor، على التوالي.

وقال دانيال فريد Daniel Fried، الدبلوماسي المتقاعد الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية في عهد الرئيس السابق جورج بوش: “هذا هو المكان حيث أعتقد أنّ إدارة بايدن لن تعاني فيه من وقت عصيب”.

وسوف يرث بايدن قائمة من تحدّيات الأمن القومي المبكرة، ومن ضمنها روسيا. فمن المقرّر أن تنتهي صلاحية معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا، وهي آخر نظام مراقبة على أكبر ترسانتين نوويتين في العالم. وقد أشار كلٌّ من بايدن وروسيا إلى استعدادهما لتمديد المعاهدة.

وسوف تشمل التحدّيات المبكرة الأخرى الردّ على اختراق روسيا إلكترونياً لما لا يقلّ عن 12 وكالة فيدرالية أميركية، وخط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 Nord Stream 2 الذي يربط روسيا بألمانيا، والذي أوشك على الانتهاء على الرغم من جهود واشنطن المحمومة لإحباط المشروع، وتسميم زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني Alexey Navalny، واعتقاله أخيراً.

سوف يرث بايدن قائمة من تحدّيات الأمن القومي المبكرة، ومن ضمنها روسيا. فمن المقرّر أن تنتهي صلاحية معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا، وهي آخر نظام مراقبة على أكبر ترسانتين نوويتين في العالم. وقد أشار كلٌّ من بايدن وروسيا إلى استعدادهما لتمديد المعاهدة

 

مراجعة الوضع مع إيران: كما أنّ ترامب وعد بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وهو المنعقد في عهد أوباما، تعهّد بايدن بالعودة إلى التعامل الدبلوماسي مع طهران. ولكن في وضع أصبح الاتفاق في غرفة الإنعاش، واتخذت إيران خطوات لإحياء برنامجها للأسلحة النووية. لذا، فإنّ العودة إلى حيث توقف أوباما، ومجرّد الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق، لن تكون بهذه البساطة.

إقرأ أيضاً: 12 توصية متشدّدة لإدارة بايدن: “خنق” الفلسطينيين وعدم الثقة بالعرب

وفي حين ألمح سوليفان مستشار الأمن القومي الذي اختاره بايدن، إلى أنّ الإدارة الجديدة قد تتطلّع إلى التراجع عن بعض العقوبات التي فرضها ترامب على إيران ووكلائها، مثل التصنيف الأخير لجماعة الحوثي اليمنية على أنها جماعة إرهابية. وقد يرغب بايدن في إيجاد وسيلة جديدة للتحقّق من ترسانة الصواريخ الباليستية المتنامية في إيران – وهي أولوية قديمة للجمهوريين – في اتفاق نووي جديد. ويتوقّع بعض المسؤولين السابقين أن يقود الرئيس الجديد مفاوضات صعبة مع طهران باستعمال العقوبات المفروضة عليها في عهد ترامب.

وقال بريت بروين Brett Bruen، وهو دبلوماسي سابق ومدير المشاركة العالمية في البيت الأبيض خلال إدارة أوباما: “سنرى بايدن يحاول الاستفادة من بعض المواقف الأكثر تطرّفاً التي راهن بها ترامب على الصين وإيران وكوبا لانتزاع تنازلات إضافية، وللتمكّن من الادّعاء بشكل معقول بأن هذا ليس اتفاق أوباما، وهذه ليست سياسة أوباما الخارجية”.

 

في الحلقة المقبلة: هل يعمل بايدن على إنهاء الحروب في أول 100 يوم؟

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

“الحزب” بعد الحرب: الولادة من “الخاصرة الأميركيّة”

أما وقد دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ منذ صباح 27 الجاري، ليشكّل حدّاً فاصلاً بين ما قبله وما بعده، ويدشّن مرحلة جديدة كليّاً،…

“طوفان حلب” يخترق “غلاف” روسيا وإيران

تحوّلت عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها “إدارة العمليات العسكرية”، لإبعاد إدلب وما حواليها، عن مدى نيران قوّات النظام السوري وحلفائه، إلى “طوفان حلب”. عملياً، ضمن…

“التمديد” يوصِل إلى الجنوب وليس بعبدا

شكّلت دعوة الرئيس نبيه برّي إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية في التاسع من كانون الثاني المقبل، بعد يومٍ واحدٍ من إعلان وقف إطلاق النار، بداية…

روايات نازحين عادوا إلى الأرض: للبيوت أرواح وذكريات

لم ينتظر أهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية طلوع الفجر لكي يجهّزوا أمتعتهم ويتوجّهوا إلى قراهم وبيوتهم التي تركوها تحت وابل القصف والتهجير القسريّ، ولو أنّهم…