“أساس” يكشف تفاصيل الدقائق التي سبقت الحريق

2021-01-29

“أساس” يكشف تفاصيل الدقائق التي سبقت الحريق

من يقف خلف جريمة إحراق مبنى بلدية طرابلس التاريخي؟

لماذا تُرك المبنى دون حماية؟ وما حقيقة إفراغ صهاريح المياه التابعة للدفاع المدني والبلدية قبل الحريق؟

ولماذا لم يطلب رئيس البلدية رياض يمق حماية أمنية للمبنى مع تصاعد الاحتجاجات في المدينة؟

وأين كانت الاجهزة الامنية من هذه الجريمة؟

أسئلة تتزاحم وسط تراشق الاتهامات بين رئيس البلدية وبين الأعضاء. فيما قائد شرطة البلدية ربيع الحافظ يروي لـ”أساس” تفاصيل الدقائق التي سبقت الحريق.

“هرعت على الفور آليات الدفاع المدني عند بداية اندلاع الحريق، أيّ قبل أن يتمدّد وتلتهم النيران المبنى. لكن عملت مجموعات مخرّبة على إيقافهم في وسط الطريق، وتمّ إفراغ صهاريج المياه الخاصة بهم، كما عملوا على سرقة مفاتيح الآليات من أجل تأخير وصول الشباب. وتمت ملاحقتي بصفتي قائد شرطة البلدية إلى “إشارة شارع المئتين” في محاولة للاعتداء عليّ وقتلي. بالإضافة إلى الاعتداء على رئيس مركز الدفاع المدني في طرابلس الذي يرقد الآن في المستشفى وحالته الصحية مستقرّة”.

ونفى الحافظ أن تكون شرطة البلدية هي التي قصّرت، مؤكداً أنّ “الأجهزة الأمنية مهمتها حماية أملاك الدولة، نحن كشرطة لا نستطيع أن نقوم بذلك فعددنا هو فقط 98 شرطيّاً لكل مدينة طرابلس. وعدد هؤلاء كان كبير جداً بين 800 و900 مخرّب. وأنا لا أستطيع أن أُضحي بعناصر الشرطة”.

من جهته رئيس بلدية طرابلس رياض يمق اعتبر أنّ إحراق مبنى البلدية “فعلٌ متعمدٌ ومدبرٌ وهو عمل جبان لا يشبه أبناء مدينة طرابلس، ومن قاموا به ليسوا ثواراً لأنّ الثائر لا يسرق. الثائر يطالب بحقّه ومن احرقوا البلدية قاموا بسرقتها قبل إشعال النيران”.

نفى الحافظ أن تكون شرطة البلدية هي التي قصّرت، مؤكداً أنّ الأجهزة الأمنية مهمتها حماية أملاك الدولة، نحن كشرطة لا نستطيع أن نقوم بذلك فعددنا هو فقط 98 شرطيّ لكل مدينة طرابلس

وأضاف: “يحملون أهدافاً قد تكون سياسية، تكمن وراء هجومهم الذي استهدف رمزاً طرابلسياً، يمثّل حاضرهم وماضيهم، ويحضن وثائقهم، وتاريخ عقاراتهم وشوارعهم، علماً أني معروف بانحيازي إلى الثوار الشرفاء، وأقف إلى جانب الفقراء، وأعمل على مدار الساعة لملاحقة شؤونهم”.

وطمأن يمق أنّ “كل المستندات محفوظة وأنّ الواجهة الأثرية والهيكل العثماني للمبنى لا زال على حاله بحالة جيدة، إنما الأضرار للأسف كانت فادحة في داخل المبنى”.

وعن تأخرّ وصول القوى الأمنية وسيارات الإطفاء قال: “محتجون منعوا سيارات الإطفاء من إخماد حريق مبنى البلدية، كان يمكن تدارك الأمر لو وصلوا سريعاً. والقوى الأمنية أخذت تسجيلات كاميرات المراقبة لكشف الملابسات ومعرفة من يقف وراءها وخلفياته، علماً أنّ كثيرين من المحتجين الغاضبين كانوا يصوّرون الحريق ويفخرون بما فعلوا ونُشرت هذه الفيديوات على مواقع التواصل الاجتماعي”. مشيراً إلى أنّ “القوانين التي تمنع رجال الشرطة الخاصة بالبلديات من الحماية الشخصية كونهم لا يستطيعون القيام بدور قتالي بدون إذن مسبق للحماية”.

وختم يمق كلامه مؤكّداً أنّ “الأولوية الآن هي التركيز على كشف الأيادي التي عبثت بالمكان وبأمن المدينة”، وقال: “لن نرضى إلا بمتابعة التحقيقات للوصول إلى خواتيمها، فإذا لم يتمكن المعنيون من حماية الأملاك والمؤسسات العامة فليزوّدونا بالإذن الخاص بذلك ونحن نقوم بالمهمة”.

ينتقد عضو مجلس بلدية طرابلس محمد تامر رئيسَ البلدية ويحمّله مسؤولية غياب الأمن عن المبنى. واعتبر في حديث لـ”أساس” إنّ “ما حدث في مدينة طرابلس هو استباحة وجريمة بحقّ المدينة وتراثها وآثارها، ولا نستطيع وصفه إلا بكّل الأوصاف “الشنيعة”. من قام بالتخريب ليسوا الثوّار، بل كان هدفهم تخريب المدينة وإرجاعها إلى العصر الحجري وطمس معالم المدينة. الثوار مشكلتهم ليست مع المباني أو حتّى مع السجلات والأوراق بل مشكلتهم مع الطبقة السياسية التي ظلمتهم ونهبتهم”.

أما عن حجم الخسائر فيكشف تامر أنّها “كبيرة جداً، فالطابق الأول الذي يحتوي على أوراق ومعاملات الناس احترق بالكامل. أيّ أنّ “الداتا الورقية” جزء كبير منها احترق. لكنّ كل هذه الأوراق والمعاملات وقرارات المجلس البلدي وأرشيف البلدية موجود نسخة منها  على “السيرفر”.

محتجون منعوا سيارات الإطفاء من إخماد حريق مبنى البلدية، كان يمكن تدارك الأمر لو وصلوا سريعاً. والقوى الأمنية أخذت تسجيلات كاميرات المراقبة لكشف الملابسات ومعرفة من يقف وراءها وخلفياته

ولدى سؤاله عن سبب تأخير وصول فرق الدفاع المدني لاخماد الحريق أوضح أنّ “هناك تأخيراً من نوعين:

الأوّل: تأخير أمني. المجرمون استمرّوا لاكثر من نصف ساعة وهم يحاولون خلع الباب الحديدي للبلدية، وخلعه مسألة ليست بالسهلة، وتمت محاصرة مبنى البلدية. كل هذا الوقت كانت القوى الأمنية كفيلة بأن تردعهم.

الثاني: تأخّر وصول الدفاع المدني. فعندما اندلع الحريق ظلّت النيران فترة طويلة تلتهم المبنى قبل وصول آليات الدفاع المدني. هناك تقصير متعمّد أو غير متعمّد تجاه مدينة طرابلس”.

وتحدث تامر عن ثغرة ربما غفل عنها رئيس البلدية رياض يمق: “يُلام الرئيس على أنّه لم يتدارك مسألة احتمال الاعتداء على مبنى البلدية، ولم يطلب من القوى الأمنية والجيش حماية المبنى. هو رئيس ثاني أكبر بلدية في لبنان كان من المفترض أن يُجري اتصالاً ولو بقائد الجيش أو حتّى قائد المنطقة ويطلب منه دورية لحماية المبنى خوفاً من الاعتداء عليه”.

إقرأ أيضاً: علّوش: المناطق السنية انفجرت بسبب غياب القيادة

أما عن هوية المخربين فيكشف تامر أنّ “جزءاً منهم جاء من خارج مدينة طرابلس، وجزءاً آخر من المؤكّد أنّه يجهل ولا يعلم ما الذي يفعله ويظنّ أنّه يصنع إنجازات. ولا يدرك ولا يعلم تبعات ما يفعله. فهناك مخرّب وهناك مستغلّ لوجه الناس وفقرها”.

ويضيف: “ما يحدث اليوم له أهداف وأهمها قطع الطريق على الناس للعودة إلى الساحات وعودة الثورة مجدداً بالاضافة إلى أجندات خفية غير تخريب المدينة”.

وختم تامر كلامه مطالباً بحماية طرابلس: “عبر موقع “أساس” أطالب الشرفاء من أهالي وفعاليات ورجال دين في مدينة طرابلس، النزول إلى الشارع للدفاع عن المدينة وحمايتها فلا خيار لنا غير ذلك. لا نستطيع ترك مدينتنا تنهار أمامنا”.

مواضيع ذات صلة

الرّئاسة بين “ديل” برّي و”تهريبة” باسيل

يُقال إنّه في خضمّ المعارك لا يتمّ تبديل الضبّاط المشرفين على العمليات. فهل يمكن انتخاب رئيس، بين جولة قتالية وأخرى، على وقع الصواريخ والقذائف؟ على…

الرّئاسة من خرم الحرب: صفر نتيجة

لا تزال لغة الميدان تطغى على أيّ مسعى خارجي أو داخلي للجم كرة نار الحرب الكبرى، وأجّجتها أكثر تصفية الحسابات الإيرانية-الإسرائيلية التي باتت جزءاً أساسيّاً…

1701+… ولجنة رباعيّة لمراقبة التّطبيق

حتى الآن لا صوت يعلو فوق صوت المدفع، أو بالأحرى صوت طائرات F35 والصواريخ البالستية، وبقيّة الأسلحة التدميرية التي لا توفّرها إسرائيل في عدوانها الوحشي…

تباين بين برّي والحزب على “اليوم التّالي”؟

لم تَعُد الحرب البريّة مجرّد توقّع. وَقَع المحظور واكتملت عناصر “الانفجار الكبير” بإعلان العدوّ الإسرائيلي تنفيذه “عملية بريّة محدودة وموضعية ومحدّدة الهدف” ضمن مسار عسكري…