ناصيف حتّي: وزير المصالحة مع العرب

2020-01-21

ناصيف حتّي: وزير المصالحة مع العرب

مدة القراءة 4 د.


يتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي أسماء وزراء بتشكيلات متنوعة ومفترضة لحكومة حسان دياب المنتظرة، فلا يلفت نظرك فيها سوى بريق إسم ثابت لا يتغيّر، هو المرشح لتولي حقيبة الخارجية الدكتور ناصيف حتي. في حين بقية الأسماء تتغيّر لكنها لا تتعدى حدود المستشار أو التابع.

هو “واجهة السحارة” التي يغشّ فيها بائع الفواكهة زبائنه. هكذا تغشنا السلطة بتقديم الدكتور حتّي رجلاً أكاديمياً مخضرماً مستقلاً لتولّي رأس دبلوماسيتها.

يختلف متابعون حول انتماء ناصيف حتّي. يقول البعض إنّ “صِهر الجمهورية” الوزير جبران باسيل اختاره، فيما يؤكد آخرون استقلاليته ونظافة كفّه. هو دبلوماسي عريق، و”ابن الدولة” بكل ما للكلمة من معنى، حسبما يروي صديق مقرّب منه: خلوق، نظيف، قادر على ترميم علاقات لبنان بجيرانه العرب. علاقات أفسدها من يُتّهم باختياره أو بتزكية اسمه أو الموافقة عليه في أضعف الإيمان، وهو ما قد بكون اعترافاً ضمنياً بحقيقة ما أفسد الصِهر.

ربما منصب حتّي السابق سفيراً ومتحدثاً رسمياً باسم جامعة الدول العربية وخبيراً في العلاقات العربية والدولية، يخوّله إعادة وصل ما انقطع، خصوصاً أن ما يُنقل عنه، يشي بما يخفيه من حماسة وتوق إلى العمل لصالح بلده لبنان. 

يُعبّر حتّي بشكل صريح في أكثر من موقف ومقال بأكثر من موقع وصحيفة وندوة ولقاء، عن تقصير العرب تجاه لبنان. يرى أن المنطقة في خضمّ حرب باردة أميركية – عربية في مواجهة إيران، فيما لبنان لن يكون بعيداً عن تداعياتها. لهذا يعتب على الدول العربية لنبذها الوطن الصغير. فبدلاً من انخراطها في شؤونه وملفاته لإعادة إرساء التوازنات فيه تقابله الدول العربية (الخليجية خصوصاً) بالمقاطعة، خصوصاً في آخر قمة عربية استضافها. وقد تكون هذه الدراية كلها ما يرّشح حتّي ليكون الشخصية المؤهلة للقياب بدور مماثل يعيد لبنان إلى الحاضنة العربية.

[START2]يعتب على الدول العربية لنبذها الوطن الصغير[END2]

حتّي، الدبلوماسي المخضرم والكاتب المطلع، يعي حجم التحديات الداخلية. فيرى أنّ مدخل أيّ حلّ في لبنان هو “المصارحة” بين الفرقاء السياسيين. مصارحة مطالبٌ أن يقودها، في نظره، رئيس الجمهورية، (الذي ارتضى بأن يفوّض صهره صلاحياته)، ليكون الهدف منها “رسم الأولويات وبلورة فكر مشترك يحتمي تحت سقف الدولة”.

يسخر من غرق “ركاب السفينة اللبنانية” في التقاتل حول “جنس الحكومة”. في تصوّره (قبل تسميته) الحكومة الأمثل في ظل الأزمة الحالية هي حكومة “مشتركة” تضم ممثلين للأطراف السياسيين الأساسيين يكونون وزراء دولة ويقومون بدور “حراس الهيكل” لتوفير الطمأنينة لمن تساورهم الشكوك والمخاوف السياسية (ربما يقصد حزب الله)، إلى جانب مشاركة أصحاب الرؤية والخبرة والكفاءة والتفكير الحر.

حكومة كهذه، بتقدير حتّي، ربما تكون بمثابة “استراتيجية إنقاذ وطني” تساهم في تحصين وتعزيز المناعة الوطنية في مرحلة العواصف والمرتقبة. لأنّه يعتقد أنّ “زمن اتفاق الدوحة قد ولّى”، والصراع الاقليمي اليوم يتّسم بالحدّة مقارنة بمرحلة الاتفاق المذكور الذي وُلد نتيجة تفاهمات إقليمية.

في نظره أيضاً، لبنان بحاجة اليوم إلى اتفاق دوحة جديد، لكن شبكة الأمان الخارجية قد لا تكون متوافرة اليوم. يخلص حتّي إلى أنّ قيام الدولة المدنية هو الحلّ الوحيد لبناء الاستقرار المجتمعي، لأنّ النظام القائم على ثلاثية “المحسوبية والزبائنية والشخصنة” يعمّق الأزمات ويراكمها ولا يحلّها، بل يحتويها عبر لعبة المقايضات وتقاسم المنافع.

في الشأن الداخلي، يراهن حتّي على قدرة الحكومة على بلورة رؤيا جديدة مختلفة عن النموذج الاقتصادي والاجتماعي السابق. اقتصاد منتج ينمّي المناطق الريفية كلها ينعش المناطق ويحفظ التوازن الديموغرافي والبيئي. رؤية تستدعي بلورتها بناء دولة المؤسسات على حساب دويلات الأمر الواقع الطائفي أياً يكن الغطاء الذي تتغطى به. دولة قوامها الحوكمة والشفافية والمساءلة وليس المحسوبيات.

 

 

 

إقرأ أيضاً

عراضة “الجماعة” في عكّار.. ومرحلة ما بعد حرب غزّة

بعد العراضة المسلّحة لـ”الجماعة الإسلاميّة” في منطقة عكار الشمالية، بدأت تظهر ملامح مرحلة ما بعد حرب غزّة في لبنان. تبدو الحاجة أكثر من أيّ وقت…

لا عزاء للمساكين

“لم أغسل دمي من خبز أعدائي  ولكن كُلّما مرّت خُطَايَ على طريقٍ فرّتِ الطرقُ البعيدةُ والقريبةُ   كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبةِ فالتجأتُ إلى رصيف الحلم…

“أخوة يوسف”* أمام معضلة خط الحرير العراقيّ

عاديّ أن يقلق البعض على هامش زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأخيرة للعراق، أمام مشهد توقيع مذكّرة تفاهم رباعية للتنسيق والتعاون ذات طابع استراتيجي…

الجماعة الإسلامية إلى أين؟

عندما أنشئت الجماعة الإسلامية في ستينات القرن الماضي (وتمّ وقتها الترخيص للحزب الشيوعي وكان وزير الداخلية كمال جنبلاط)، كانت تهدف إلى المحبة والتسامح والعيش المشترك…